تداولت عدة مواقع «فيديو» يصور عملية الكر والفر بين مجموعة من المهاجمين لأوتوبيس يُقل سياحاً من عرب إسرائيل بشارع الهرم وقوات الشرطة، بعدها أعلن تنظيم «داعش» مسئوليته عن الحادث، طبقاً لوكالة «رويترز» التى نقلت الخبر عن موقع لصحيفة لبنانية. المشهد الذى يحتويه الفيديو «هوليودى» بامتياز، ويصور عدداً من الملثمين بصحبتهم مجموعة من الشباب مكشوفى الوجه، يطاردهم عدد من رجال الشرطة، وتتحدد المؤثرات الصوتية فى المشهد فى صوت طلقات الخرطوش، وفرقعة شماريخ. الداخلية -من طرفها- لم تنف أو تؤكد إن كان المهاجمون «دواعش» أم لا، بل اكتفت بالإشارة إلى العملية فقط، ولم تحدد هوية الفاعلين، وذكر المسئولون بها أن المهاجمين مجهولون، ويقدر عددهم بحوالى 35 فرداً، قاموا بإلقاء مولوتوف وشماريخ على الخدمات الأمنية المرابطة أمام فندق الأهرامات الثلاثة، مما دعاها إلى التعامل معهم لتفريقهم. عقب هذه الواقعة شهدت منطقة المنيب ما هو أحط، حين اغتالت يد الإرهاب رئيس مرور المنيب ومجنداً بصحبته.
«الجيزة» كانت محلاً للواقعتين. ومن قبلهما كانت هناك واقعة ثالثة شهدتها المحافظة، حين اغتال إرهابيون أربعة من رجال الشرطة بمنطقة سقارة، أواخر نوفمبر 2015، واستولوا على سلاحهم. وقد أعلن «داعش» مسئوليته عن واقعتَى الاغتيال الاثنتين. تحمل هذه الوقائع مجتمعة مؤشراً على وجود تحرك «داعشى» خارج سيناء، آخذ فى الاقتراب من التجمعات البشرية داخل محافظات مصر المختلفة، خصوصاً محافظة الجيزة، الأمر الذى يعنى أن التنظيم أصبح أكثر جرأة على التحرك، وأنه تخلى عن اختياراته التى اعتاد عليها بالتحرك فى الأماكن الخالية من البشر، كما هو الحال فى سيناء، ويعنى ذلك زيادة هامش المخاطر التى يمكن أن تترتب على العمليات التى يقوم بها. خصوصاً أن التحرك فى محافظات الجنوب، أو الأطراف أمر، والتحرك بالقرب من القاهرة أمر آخر.
وثمة مجموعة من الملاحظات الأخرى ينبغى تسجيلها على الهجمات الإرهابية التى شهدتها محافظة الجيزة خلال الأسابيع الماضية، تتعلق أولاها بالتوقيت، فمن الملاحظ فى هذا السياق أن عدد العمليات يزيد كلما اقتربنا من الذكرى الخامسة لثورة يناير 2011، وتتعلق ثانيتها بدخول عناصر جديدة إلى الخدمة «الداعشية»، سواء كانت موالية للتنظيم بشكل رسمى أو غير رسمى. فالـ35 الذين هاجموا فندق «الأهرامات» أدوا بطريقة عجيبة، واستخدموا الشماريخ، ونحن لم نعتد من قبل على ظهور هذا السلاح -إذا صح أن الشمروخ سلاح- فى العمليات الداعشية، وإذا ربطت بين هذه الواقعة وواقعة الهجوم على أحد الفنادق بالغردقة باستخدام السلاح الأبيض فسوف تخرج بعلامة تعجب كبيرة حول العناصر الجديدة التى تدعوشت باستخدام الشماريخ والسكاكين.. من يكون هؤلاء؟! وتتعلق ثالثة الملاحظات بالأجهزة الأمنية التى لم تحدد لنا بعد هل تنظيم «داعش» هو المسئول عن هذه العمليات أم أن هناك تنظيمات عنقودية جديدة أو ذئاب منفردة موجودة تنفذ هذه العمليات وسط الزحام، مستلهمة أسلوب داعش. ثمة شىء غامض فى الأحداث التى شهدتها محافظة الجيزة على وجه التحديد، ربما كشفت لنا الأيام المقبلة بعض طلاسمه.