الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية- لصوص الكهرباء..
لم أصدق هذا الرقم: مليار جنيه خسائر الكهرباء سنويًا من ظاهرة سرقة التيار.. فهل ذلك لأن مال الحكومة بلا صاحب، أى مال سايب؟! وكيف يستقيم ذلك مع ضبط 467 ألف قضية سرقة تيار وذلك خلال ثلاثة أشهر فقط.. ويتمثل ذلك فى وجود حوالى 2 مليون شقة مخالفة أى تستخدم ـ وتسرق الكهرباء ـ وهذا الكلام ليس من عندى ولكنه تصريح للدكتور محمد اليمانى المتحدث باسم الوزارة.
وهذه الأرقام تمثل عبئًا كبيرًا على قطاع الكهرباء، ليس فقط فى قيمة ما يتم سرقته.. ولكنه العبء على الطاقة المنتجة.. وهذا يتسبب فى عدم حساب الاستهلاك الحقيقى للكهرباء، خصوصًا فى فترات ذروة الأحمال أى الاستهلاك.
<< والقاعدة تقول إن ما يتم اكتشافه ـ فى أى قطاع لا يتجاوز 10٪ مما يحدث على أرض الواقع. مثل اكتشاف المخدرات أو الاسلحة فما يتم كشفه لا يمثل الحقيقة.. وهذا يزيد من عنف المشكلة على أساس ما يضيع على الوزارة.. ولكنه يمثل مشكلة اساسية على الأحمال كلها.
ولا نريد هنا أن نتحدث عن قطاع شرطة الكهرباء وما يبذله من جهود ولكن القضية الحقيقية هى فى «المال السايب»، ولا نتحدث عن السرقات الصغيرة، أو التى تبدو صغيرة، على شكل كشك على رصيف يسرق التيار من أقرب «كوفريه» أو أول عمود كهرباء.. ولكنه يحدث أحيانًا من الاتفاق بين صاحب محل يقدم «توصيله» لمن يريد، خارج العداد.
<< ودعونا نتحدث بصراحة أكبر عن وجود بعض التعقيدات الإدارية فى شركات توزيع الكهرباء، وهى تعقيدات تدفع البعض إلى المخالفة وبالتالى الحصول على الكهرباء بطرق احتيالية.. بعض المستهلكين يلجأ إليها مرغمًا، بسبب هذه التعقيدات. وهنا أتذكر أننا ومنذ عقود عديدة سابقة كنا نشترط تقديم «ايصال كهرباء» لإثبات الايجار نفسه، بل واثبات الاقامة فى العقار.. فهل مازلنا نشترط هذا الايصال حتى الآن.
وهذه القضية لا تمس فقط قطاع الكهرباء.. بل أيضًا قطاع مياه الشرب أى الحصول على الخدمة من خلال توصيلة غير قانونية من جار متسامح أو كريم.. أو رحمة بالجار.
<< ولكننى أرى أن هذه وتلك زادت فى السنوات الأخيرة بسبب الفوضى التى ضربت البلاد.. وبسبب تساهل الحكومة فى المحافظة على أموالها.. وحقوقها، مقابل الحصول على الخدمة.. دون أن يدفع المواطن هذا الثمن.
فهل ذلك بسبب انشغال الشرطة فى أمور التأمين وحراسة المنشآت.. حتى المستشفيات!! ولكن لا أعتقد ذلك، لأن شرطة الكهرباء ـ مثل شرطة المرافق وشرطة السياحة وشرطة التموين ـ تعمل وفق نظام الشرطة المتخصصة، كل شرطة حسب تخصصها.. ولكننى اعترف أننى لا أحس بوجود شرطة الكهرباء مثلاً كما كانت موجودة منذ نصف قرن مثلاً.
<< هنا نتساءل: ماذا عن مسئولية الشعب.. الذى قد يرى القضية ولكنه لا يحرك ساكنًا.. تطبيقًا للمثل القائل: «وأنا مالى» أو يا عم ده مال سايب، أو اعتمادًا على نظرية «السماح» أى أن الكهرباء كل عدة سنوات تتنازل عن حقوقها.. كما تتنازل قطاعات مختلفة عن حقوقها أو العفو عن المخالفات والبناء المخالف.. وعدم الإزالة خوفًا من رد فعل جماهيرى، هنا أو هناك.. ورحم الله زمنا كان مجرد قطع زرار فى جاكيت شرطة جريمة يعاقب عليها القانون.. ولكن هذا زمن انتهى.. وبسبب هذا التسيب القانونى وصلنا إلى جرائم أبشع وأكبر.. تمامًا كما نجد عقارات ـ متعددة الطوابق ـ تسرق الكهرباء ويمر عليها كل المسئولين.. ولا يحركون ساكنًا..
<< وخير مثال على هذا التسيب الحكومى أن الناس تتقبل أن ترى لصوص الكهرباء دون أن يأخذوا خطوة بينما هذا هو مال الشعب نقول ذلك، دون أن نعرف كم يتكلف انشاء محطة كهرباء واحدة لتغطية هذه السرقات.
ياه مليار جنيه!! وهل نحاسب هنا شرطة الكهرباء أم ندفع لهم حصة مما يتم ضبطه من جرائم سرقة للتيار، وأن كنت اعتقد أن هذا يحدث!! نقول نخصص لهم حصة مما يكتشفون لنشجعهم على زيادة «انتاجهم».
<< وفى المقابل «نمنع» توصيل الكهرباء للشقق سارقة التيار إلا بعد فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر لنردع هؤلاء اللصوص، الذين يسرقون مال الشعب!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف