عبد الحليم رفاعى حجازى
دور المرأة في الأسرة والمجتمع
يتواصل الحديث حول دور الأسرة وأثرها في تربية النشء من أجل صلاح المجتمع وتقدمه بين الأمم والشعوب. وذلك من منطلق ديننا الصحيح وفقاً لكتاب الله تعالي وسُـنَّة رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام.
.. وفي هذا المجال.. نذكر دور المرأة العظيم في كيان الأسرة.. لقد أحدث القرآن في تاريخ المرأة أعظم انقلاب شهدته في حياتها. لا قبل الإسلام فحسب. بل وبعد الإسلام بعشرة قرون. وقبل الثورة الفرنسية والفلسفية. وكان أول ما قرره القرآن وأكده أن هذه الجموع من بني الإنسان تدين في وجودها إلي الذكر والأنثي مجتمعين. فلا فضل لذكر علي أنثي. أو أنثي علي ذكر إلا بالعمل الصالح وقيام كل بواجبه: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" "الحجرات: 13".
لقد رتب القرآن علي هذه النتيجة المنطقية بأن جعل المرأة مسئولة أمام الله عن جميع أعمالها مسئولية الرجل علي السواء. وهذه هي النصوص الشاملة الجامعة بكل ما يمكن أن يوصف به الرجل من فضائل وآداب. وقد وجه القرآن فيها الحديث للمرأة. جعل التوجيه للرجل: قال تعالي: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات. والصادقين والصادقات. والصابرين والصابرات. والخاشعين والخاشعات. والمتصدقين والمتصدقات. والصائمين والصائمات. والحافظين فروجهم والحافظات. والذاكرين الله كثيراً والذاكرات. أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً" "الأحزاب: 35".
ولا عجب أن يكون ذلك هو موقف القرآن بالنسبة للمرأة. فقد كانت امرأة هي أول من آمن بالرسول علي الإطلاق. ونعني بهذه المرأة خديجة ــ رضي الله عنهاــ وكانت هي التي هدأت من روعه عندما حسها بهواجسه وكان في شك من أمره.
ولقد ساوي الإسلام بين الرجل والمرأة في كل الأمور دينياً وأدبياً. ومدنياً. ولم يجز لأحد أن يعترض مشيئتها إلا علي سبيل النصح والإرشاد. قال تعالي: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً" "النساء: 7".. ولقد أباح الإسلام للمرأة حق التصرف المطلق في شخصها. ولم يعد من الجائز لأحد أن يتصرف بزواجها حين لا تريد الزواج. وبالحيلولة بينها وبين الزواج حين تريده. فقد روي عن أبي هريرة أن النبي قال: "السيب أحق بنفسها من وليها. والبكر تُستأمر وإذنها سكوتها".. وإذا كان الإسلام قد قرر أن يكون الطلاق حق للرجل. فإنه لم يحرم علي المرأة استعمال هذا الحق. بل أباح لها إذا شاءت أن تنفذه عند تحرير العقد. فيكون لها من الحق في تطليق نفسها مثل ما لزوجها وهو ما يعبرون عنه في الاصطلاح بـ"العصمة" فيقولون: "عصمتها بيدها".
وإن الذي نؤكده أيضاً أن موطن العلم الذي فرضه الإسلام علي الرجل قد فرضه الله علي المرأة. وليس بالإسلام كهنوت أو كنيسة. وإنما الإسلام علم مشاع. بل وعلم مفروض علي كل من دان به.. ولذلك فقد اجتمعت الآراء علي أن الحديث القائل: "طلب العلم فريضة علي كل مسلم" يشمل في مدلوله أيضاً كل مسلمة. هذا ولقد منح الإسلام المرأة أن تزاول أي حرفة من الحرف الشريفة. وأن تتعلم كل ما تراه نافعاً لإحسان قيامها علي أموالها واكتساب رزقها بشرف حين فقدها العائل.