بطء السنين ملل السنين، هكذا يعبّر الشباب الآن عن صيغة المبالغة بديلًا عن مصطلحات أخرى للمبالغة يمنعها الرقيب، ثلاثة قوانين للانتخابات، قانون الانتخابات الأول الذى أصدره المستشار الجليل عدلى منصور، ومستشاره الدستورى علِى عوض، مع حفظ الألقاب للجميع، والقانون الثانى مباشرة الحقوق السياسية وقانون تقسيم الدوائر.
الخطورة فى الأحكام التى ستصدر إن صدرت بملاحظات عوار دستورى، فستكون هناك مشكلة فى الثقة، لا أتحدَّث عن الثقة فى العدالة هنا، وإن كانت مهمة وتحتاج إلى قياس رأى عام دورى، وهى لا تتعلَّق بنزاهة واستقلال القضاء، لأن عملية العدالة عملية مركبة، يدخل فيها الجهاز الأمنى بدور والتشريع بدور آخر، وفى النهاية يحكم القاضى بناءً على تشريع صادر من مجلس تشريعى أو من رئيس ومن أوراق مقدمة له من النيابة والجهاز الشرطى.
ومن المؤكد أن خروج كل رجال جهاز النظام السابق وآخرهم حبيب العادلى، يثير القلق ومشاعر الغضب لدى الكثيرين، ولكنى هنا أتحدَّث عن أمر آخر عن الثقة فى الكفاءة، ليس لدىّ أى مشكلة فى صدور حكم بعدم دستورية قانون، وكان آخرها حكم بعدم دستورية قانون للضرائب صاغه بطرس غالى، استقطعت من أموال الموظفين الغلابة، وعدم الدستورية أوجب على الدولة رد 130 مليار جنيه للموظفين.
ولكن بخصوص قوانين الانتخابات فلقد تم الحكم بعدم دستورية انتخابات 84 و87 من العام الماضى، وكذلك برلمان 2011، ونحن الآن على أعتاب مرحلة حرجة وأربع سنوات مضت دون مؤسسة تشريعية إلا أسابيع معدودة، فمَن نأتى حتى يصنع لنا قانونًا لا يربك الحياة السياسية؟ هل نأتى بمفيد شهاب وفتحى سرور؟! ثمانية شهور ولجنة الانتخابات تصنع قانون تقسيم الدوائر، وطبقًا للدستور كان المفروض أن تكون لدينا انتخابات فى يوليو الماضى.
ولكنهم قالوا إن بداية الانتخابات تعنى تكوين اللجنة فقط، وصرخ كثير من رجال القانون على عدم الدستورية دون جدوى، وخرج وقتها المسؤولون عن القانون ليؤكدوا دستوريته، وأن كل ما يُقال لا يطعن فى دستوريته، ورغم أن القانون كان يحظى برفض كل التيارات السياسية والأحزاب، ولكنهم رغم ذلك قبلوه على مضض، حتى تكتمل خارطة الطريق.
ونحن الآن أمام احتمال التأجيل أو التعديل والدخول فى نفق مظلم مرة أخرى، وسيطال النظام السياسى كثير من الاتهامات وستقود الجماعات الإرهابية حملة تشهير كبيرة ستطال من سمعتنا بالتأكيد، وهنا نتحدَّث عن الكفاءة وعن المشورة، خصوصًا أن الاشتراطات الدستورية التى وضعت المعايير التى شملت الناخبين والسكان والمساحة على الأرض، مما كان يعنى الاستفادة من خبراء الإحصاء، لأنها تحتاج إلى معادلات دقيقة، حتى نحقِّق التوازن بين السكان من جهة، وبين الناخبين من جهة أخرى، والمساحة المسطحة من جهة ثالثة، ومراعاة التماسك الجغرافى من جهة رابعة، ولكنه البطء وعدم المشورة وعدم الاستعانة بأصحاب الخبرة من جهة خامسة كل ذلك أودى بنا إلى هذا المشهد المأساوى بكل المقاييس.
حتى المعلومات التى نأخذها عن المقبولين، تقدّمها لنا المنتديات أو المواقع، أما الموقع الخاص بالانتخابات فلا يقدّم شيئًا، وقالوا عند الطعن على عدم دستورية الانتخابات، إن أقصى موعد هو عشرون يومًا من التقدُّم، وأن التقدُّم كان 5 فبراير، وسيكون الحكم النهائى 25، وفوجئنا بالتأجيل، مع العلم أن هناك طعنًا آخر يوم 10 فبراير، وموعده 2 مارس، مما يوحى باحتمال تأجيله هو الآخر، وهل سيؤثِّر هذا على مواعيد الدعاية الانتخابية ومواعيد التصويت؟ لا توجد معلومات، حالة غائمة بكل المقاييس، ونحن مقدمون على مؤتمر اقتصادى مهم فى منتصف مارس، فنحن فى حاجة إلى الكفاءة وإلى المشورة، فالوضع المحلى والعربى والدولى مُعقَّد ولا وقت للعبث وضياع الوقت.