المساء
محمد جبريل
ع البحري -رسائل عابثة!
الموروثات الكامنة في أعماقي دفعتني إلي إعادة قراءة الرسالة التي جاءني بها البريد. والسؤال في خوف وجدية: هل أنسخ الأدعية التي تضمنتها الرسالة عشرين مرة. وأبعث بها إلي هذا العدد من الأصدقاء؟
حفلت الرسالة بتحذيرات شتي. وأني لو احتفظت بها أكثر من ست وتسعين ساعة. دون أن أنسخها. وأبعث بها إلي العدد المحدد من الأصدقاء. سألاقي المصير نفسه الذي لاقاه العشرات ممن أهملوها. فحصدهم الموت العاجل. أو أصيبوا بأمراض لا شفاء منها. أو فقدوا البصر.
حاولت - في البداية - ان أتصرف فيما تطلبه الرسالة. أن أنسخها. وأبعث بها إلي الأصدقاء العشرين. تغافلت ابتسامة الإشفاق علي وجوه أفراد أسرتي. وأنا ألح في أن يعيدوا نسخ ما في الرسالة.
ولأني - بالطبع - كنت واحداً من العشرين الذين بعثت إليهم الرسالة. فقد حاولت تصور البداية التي أراد بها صاحبها أن يعمم طلبه وتخويفه.
تبين لي في جريدة أسبوعية ان آلاف النسخ من الرسالة قد انتشرت في مصر وخارجها. ساعدت علي انتشارها وسائل الاتصال الحديثة من انترنت وفيس بوك وتويتر وغيرها. بل ان الرسائل الالكترونية لم تقتصر علي الأدعية. وإنما تضمنت ما يصعب فهمه. فضلاً عن الرضوخ للمعني الابتزازي الذي تحمله: صور موتي تلح الرسالة المرفقة بضرورة أن اقرأ الفاتحة علي أرواحهم مئات المرات. آيات من القرآن يطلب كاتبها أن أعيد كتابتها ألف مرة. وإرسالها إلي أصدقاء بالعدد نفسه. وسيلة ابتزاز مرفوضة لا تفيد إلا رغبة عابثة في التلهي بإيمان شعبنا الحقيقي. والمطلق. بشرائع السماء تداخل آيات من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة تطلب من القارئ أن يعيد قراءتها. كأن المطلوب - استغفر الله! - أن يبذل جهداً عقيماً في حل لوغاريتم سخيف!
وكما قرأت فقد أصدر رئيس القضاء الشرعي في قطر خليجي بياناً رسمياً طالب فيه من يصلهم منشور بهذا المعني حرقه. وعدم الالتفات إلي ما يتضمنه من عبارات. وأن الله - سبحانه - في كتابه. والرسول العظيم في سنته. قد بينا كل ما يجلب الخير لنا. وكل ما يدفع الشر عنا. بعبارات واضحة وصريحة. وأن اليقين الديني علاقة بين المرء وربه. لا تخضع للأوامر ولا الاملاءات أو التخويفات التي لا تتصل بالدين. وتصرفت في الرسالة بما يقتضيه إحساسي بالمسئولية.
ها قد مضي علي تسلمي الرسالة المنذرة أكثر من شهر. دون ان أواجه المصير الذي توعدني به كاتبها. ظني أن هذا ما فعله آخرون تلقوا رسائل مماثلة. بأحوال غريبة. وتهديدات. فاعتبروها عبثاً. من السذاجة أن نعيرها اهتماماً.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف