تسأل الشاب: من هو قدوتك ومثلك الأعلي.. فيكلمك عن مطرب أو لاعب كرة.. وتفخر البنت بعارضة أزياء أو ممثلة.. وعليك أن تلتمس بعض العذر لهؤلاء.. لأن معظم أجهزة الإعلام في أغلبها ترصد أناء الليل وأطراف النهار في برامجها كل حركة وهمسة ولا بأس من التوغل في الخصوصيات حتي يسقط حائط الخجل أو الحياء بين ما يقال وما لا يقال إلي جانب ما يتم ضخه من برامج مسابقات هدفها ترسيخ ثقافة التفاهة والمغامرة والارتكاز علي المكسب الاستثنائي من اللعب والمغامرات.. وفي كل هذا تسقط القيم والمبادئ.. والنتيجة هذه الفوضي التي نراها في حياتنا وفي تصرفاتنا مع بعضنا البعض.. وزد علي ذلك ما تبثه الافلام من عنف وفحش وسفالة بحجة أنها تقدم الواقع.. وتنسي أن رسالة الفن الأولي إعادة صياغة الواقع.. ومصالحة الإنسان مع ذاته وحياته.. وقبل كل شيء مصالحته مع ربه.
ولذلك انتشرت في المجتمع وبين الشباب تقاليع وبدع تدل علي مدي الانهيار الذي بلغناه في ظل افتقاد المثل الأعلي وهو حولنا في رسولنا الكريم سيد الخلق - صلي الله عليه وسلم - وفي صحابته والتابعين وفي سير الابطال والشهداء والشرفاء وما أكثرهم في تاريخنا القديم والحاضر.. ولكن أين هؤلاء من الاعلام فلا يدهشك بعد ذلك من تدلي شعره خلف رأسه ومن ارتدي ملابس نسائية ولا تصلح لرجل بحال.. بخلاف استخدام الاكسسورات في اليد وحول الرقبة.. وقد تزامن ذلك مع الاهتمام بمسابقات ملكات الجمال للمرأة وللرجل أيضاً.. والتسابق في تقديم مشاهد الشذوذ.. حتي يتم الاعتبار عليها واعتبارها من الحريات الشخصية وهي من عظائم الأثم في كل الأديان السماوية.
أنا أعرف أحد كبار كتاب الدراما أراد أن يقدم سلسلة تليفزيونية عن الابطال في كل عصر.. لكن المنتج اعتذر بحجة أن هذه المسلسلات لن تجد لها زبونا علي القنوات التي تشتري وتدفع.. وبالتالي اعتذر فاتجه المؤلف إلي المؤسسات التابعة للدولة علي أساس أن إنتاج مثل هذه الأعمال ضرورية.. قومية واجتماعية وإنسانية.. لكنهم اعتذروا أيضا لأن الميزانيات غير متاحة.. لكن العجيب أن المؤسسات الحكومية تدخل في شراكة مع القطاع الخاص لإنتاج مسلسل يحكي قصة حياة راقصة.. أو لص.. أو قاتل وهنا يجب أن نسأل:من يمول؟ ومن أين تأتي الأموال وما هو مصدرها وإذا كانت لا تنتج إلا الأعمال الهابطة فهي مشبوهة ومن مصادر محرمة وتدويرها في المجال الفني والإعلامي يغسلها ويطهرها.. هو علي حد تعبير رجال المال.. لكن هيهات وهي فاسدة ومفسدة إلي الأبد وهكذا أكرمنا المولي سبحانه وتعالي بالمثل الأعلي والأرقي ولكنا تغافلنا عنه عمداً مع سبق الجهل والترصد وياسيدي يارسول الله.. العفو والسماح وشديد الاعتذار وهذا هو ابتلاء أمتك كما تنبأت به.. منذ أكثر من 1400 سنة.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.