مؤمن الهباء
شهادة -خصخصة من الباب الخلفي
انتهت وزارة المالية من تعديل قانون الصكوك.. واستبعاد بيع أو رهن أصول الدولة مقابل هذه الصكوك.. وسيتم عرض مشروع القانون في المرحلة التالية علي الأزهر الشريف ثم مجلس الوزراء قبل إحالته إلي مجلس النواب لإصداره والعمل به.. وطبقاً لما نشرته صحف الخميس الماضي فإن أهم تعديل أدخل علي القانون كان لضمان عدم تمكين أحد من بيع أو رهن أصول الدولة كما كان الحال في القانون القديم.
ومن المقرر تشكيل هيئة تشريعية تابعة لمجلس الوزراء.. تضم ممثلين عن الأزهر ووزارة المالية لإجازة الصكوك قبل طرحها.. ونقلت الصحف عن مصادر في وزارة المالية أن القانون في شكله الجديد لن يتضمن صكوك الشركات أو البنوك.. وسيكون خاصاً بالصكوك السيادية.. وليست له علاقة بالقطاع الخاص أو الرقابة المالية.
وكان مشروع قانون الصكوك بشكله السابق قد أثار جدلاً واسعاً عند طرحه نهاية عام 2012 ورفضه الأزهر.. نظراً لأنه كان يضم مواد تتيح تأجير أو رهن أصول الدولة.. ونظراً لتحذير عدد من الخبراء من مخاطره علي ممتلكات الدولة.. ولتهدئة المخاوف قالت الحكومة في ذلك الوقت إن مشروع القانون يستبعد استخدام الأصول العامة.. ومنها قناة السويس والمرافق العامة بشأن إصدار الصكوك.
والمعروف أن الحكومات المتعاقبة كانت تتطلع دائماً إلي إصدار قانون الصكوك للمساهمة في سد عجز الدولة.. وتوفير التمويل اللازم لإنشاء مشروعات جديدة لتحسين الوضع الاقتصادي أو إدخال استثمارات جديدة لتطوير وتحديث المشروعات القائمة.
والمعني المباشر لضمان عدم بيع أو رهن أصول الدولة مقابل الصكوك هو إغلاق الباب تماماً أمام أي محاولات التفافية للخصخصة باسم الصكوك.. وهذا أمر جيد بعد المآسي الكثيرة التي رأيناها في عمليات الخصخصة السابقة وتبين أنها كانت ضمن مخطط كبير لبيع أصول مصر والتخلص من شركات القطاع العام والعاملين بها بأي ثمن.
وفي الوقت الذي نشيد فيه بالحكومة للضمانات التي وضعتها في قانون الصكوك يجب أن ننبهها إلي خطورة المسلك الذي تتجه إليه من خلال وزارة الاستثمار لإعادة الخصخصة من الباب الخلفي.. وذلك عن طريق التوسع في بيع الأراضي التابعة للشركات القابضة والتابعة.. وتصفية الشركات من أصولها بدعوي تمويل عمليات إعادة الهيكلة أو الإصلاح.. لعدم قدرة الشركات علي الاقتراض من البنوك وتحقيق أرباح رأسمالية وليست أرباح نشاط.
وكانت صحيفة "المصري اليوم" قد نشرت في عددها الصادر يوم الأربعاء 30/12/2015 أن اللجنة الوزارية الاقتصادية قد وافقت علي التصرف في خمس قطع أراض مملوكة للشركة القابضة للنقل البحري والبري.. واستخدام حصيلة البيع الخاصة بها في تنفيذ خطط إعادة الهيكلة للشركات المتعثرة التابعة لها.. كما أنه من المقرر أن تطرح الشركة القابضة للغزل والنسيج أراضي تابعة لها بقيمة 5 مليارات جنيه للبيع بعد تقييمها من قبل مكتب وارنر الأمريكي.
ولاشك أن الاتجاه لبيع أراضي الشركات بهذا الشكل يحرمها من التوسع مستقبلاً في إقامة مشروعات جديدة.. ولذلك فإن من الأفضل أن تدخل الحكومة في مشروعات شراكة علي هذه الأراضي بدلاً من بيعها.. خاصة أن هذه ليست المرة الأولي التي تبيع فيها أراضي الشركات.. إذ سبق في عام 2008 أن قامت بمبادلة أراضي تابعة لشركات قطاع الأعمال العام مع مديونية هذه الشركات للبنوك بقيمة 32 مليار جنيه.
لقد جربنا الخصخصة ورفضناها شكلاً وموضوعاً.. ومن ثم يجب ألا نعود إليها من الأبواب الخلفية.. يجب أن ينتهي مهرجان البيع لندخل في مهرجانات الاستثمار والإنتاج.