الوطن
ناجح ابراهيم
الوصايا العشر لحل الصراع السنى - الشيعى
حديث الساعة اليوم فى الوطن العربى والشرق الأوسط يدور حول الصراع الإيرانى الخليجى أو حول الصراع السنى الشيعى.. وأعتقد أن هذا الاهتمام يُعد إيجابياً لأن هذا الصراع يُعد الأخطر على المنطقة، واشتعاله سيأتى على الأخضر واليابس فيها، وسوف يزيد المنطقة انقساماً وتمزقاً ويصرفها عن مهامها الرئيسية، وسوف يزيد الأمة العربية والإسلامية رهقاً وهواناً فوق هوانها. وأرى أنه أسوأ من خطر داعش أو الميليشيات الشيعية المتطرفة، وأنهما بمثابة ظواهر مرضية لهذا الصراع.

ولعلنا ندرك هذا الخطر فى قدر الانفلات الهائل الذى حدث فى العراق وتفجير الميليشيات الشيعية لخمسة مساجد لأهل السنة فى العراق بعد إعدام نمر النمر.. فما علاقة هذه المساجد وأهلها البسطاء بهذا الإعدام؟ وهل مرتادو هذه المساجد لهم ناقة أو جمل فى السياسة عامة أو فى هذا الصراع خاصة، وهل المساجد مكان لتصفية الحسابات السياسية، أم أن عقل هذه الميليشيات قد ذهب إلى غير رجعة؟

ولعل هذا المثل يدل على خطورة تبعات هذا الصراع الخطير الذى قد يجعل الحياة بين السنى والشيعى مستحيلة فى الشرق الأوسط مما ينذر بحروب مذهبية وعرقية وطائفية تكرر مآسى أوروبا مع مثل هذه الحروب.

إنه ينبغى على كل عاقل أن ينبّه إلى الأخطار المقبلة على أمتنا من هذا الصراع المدمر والذى أعتقد فى إمكانية حله من خلال فهم ما يلى:

1- أن الصراع السنى الشيعى بدأ فى منطقة الشرق الأوسط مع قيام ثورة الإمام الخومينى، ثم بدأ يتفاقم تدريجياً حتى وصل اليوم لمرحلة الانفجار، وأن الصراعات المذهبية والدينية أخطر من غيرها، وخاصة إذا وقفت خلفها دول.

2- أن الدولة الإيرانية فى بداية الثورة مرت بمرحلة مراهقة سياسية وثورية طويلة مما كلفها الكثير والكثير.. ومنها مظاهرات الحجيج الإيرانى السياسية المتكررة فى أماكن الحج أو احتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين بعد اقتحام السفارة الأمريكية بطهران، ثم استقرت الدولة الإيرانية واستوت على عودها لكنها وقعت فى أزمتين استراتيجيتين هما تصدير الثورة للبلاد الأخرى وتغيير نظمها والثانية بناء إمبراطورية فارسية على حساب الدول العربية المجاورة.

3- أكبر خطأ سياسى وفكرى وقعت فيه الدولة الإيرانية هو اعتبارها أن الشيعى السعودى أو الإماراتى أو السورى أو اللبنانى أو الكويتى أو البحرينى هو من رعاياها وليس من رعايا الدولة التى ينتمى لجنسيتها، وفى الوقت نفسه لا تطبق هذه القاعدة مع الأقاليم السنية التى ضمتها إيران إليها مثل الأحواز وغيرها والتى لا تمنحها أى حقوق تُذكر وتقوم بين الحين والآخر بإعدام بعض مفكريها وشعرائها وأدبائها وزعمائها الذين يعارضون الحكم الإيرانى دون أن تتدخل أى دولة عربية فى شئونها الداخلية.

4- أخطأت بعض الدول العربية وحكامها بتهميش وإقصاء الشيعة العرب وإلغاء مدارسهم العلمية مثل مدرسة «الخوئى» العراقية العلمية، أو تهميش «المدرسة الزيدية» فى اليمن أو خطف وقتل الإمام الصدر على يد زبانية القذافى أو قتل الحوثى الكبير فى اليمن على يد على عبدالله صالح الذى لعب على كل الحبال. ولم تستوعب هذه الدول التعددية المذهبية العربية، فلم يجد الشيعة العرب صدراً حنوناً يرعاهم ويهتم بهم سوى إيران، وصب إلغاء المدارس الشيعية العربية المعتدلة لمصلحة مدرسة «قم» الإيرانية التى أصبح لها ثأر مع بعض الدول العربية التى ناهضت ثورة الخومينى، وتحول هؤلاء الشيعة العرب بالتدريج إلى ناقمين على بلادهم وساخطين عليها وأداة فى يد إيران تحركهم كما تشاء، حتى إن الحوثيين فى اليمن غيروا مذهبهم من الزيدية إلى الإثنا عشرية، رغم أنهم كانوا الأقدم والأرسخ فى المذهب الشيعى والأكثر وسطية وقرباً من مدارس السنة.

5- الصراع السنى الشيعى منذ قديم الأزل هو صراع سياسى على السلطة والنفوذ يتدثر دائماً بنُصرة المذهب والدين.. فلا السنة يسيرون على نهج أبى بكر وعمر رمزى الرحمة والعدل، ولا الشيعة يسيرون على نهج على بن أبى طالب رمز العلم والتقوى، أو الحسن إمام العفو والصلح، ولا الحسين إمام الثورة على الظلم.. فكل ينصر حلفاءه السياسيين حتى لو كانوا من أظلم خلق الله، فمعظم الشيعة مثلاً يقفون وراء بشار الذى قتل وسجن وعذب مئات الآلاف من شعبه، ومعظم الدول السنية لا تعرف شيئاً عن عدل عمر أو صدق أبى بكر.

6- يفخر الكثير من الزعماء الإيرانيين بسيطرتهم على أربع دول عربية سيطرة شبه كاملة وهى العراق ولبنان وسوريا واليمن.. وكل ذلك بواسطة الأذرع الإيرانية المتعددة «الثقافية والفكرية والاستخباراتية والعسكرية والمالية».

7- لولا الصراع السنى الشيعى ما ظهرت داعش ولا الميليشيات الشيعية مثل عصائب الحق والمهدى وبدر والحشد الشعبى. والحقيقة أنه لا فرق بين هذه الميليشيات، فكلها تقتل وتذبح وتفجر المساجد وتقاتل على المذهب وتصفى المخالفين وتفخر بذلك.

8- لا حل للصراع السنى الشيعى إلا بمصالحة إيرانية سعودية مصرية تركية خليجية شاملة على أسس راسخة تمنع التدخل فى شئون الدول الأخرى أو التمدد على حسابها أو زعزعة استقرارها بأى دعوى أو إنشاء مجموعات سرية تحارب بالوكالة عنها فى دول أخرى، أو إنشاء جماعات مسلحة فى الدول الأخرى تكون أقوى من الدولة نفسها اقتصادياً وعسكرياً واستخباراتياً.

9- الإصلاح فى المذاهب صعب وشاق وتغييرها عسير ولكن الحل هو فى التعايش السلمى.

10- لن يتم التعايش بين المذهبين فى هذه الدول إلا إذا تعاملت الأغلبية الشيعية فى بلادها مع الأقلية السنية معاملة عادلة ورحيمة وأعطتها كل حقوقها.. وتعاملت الأغلبية السنية مع الأقلية الشيعية بنفس العدل والإنصاف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف