اخبار الرياضة
ايمن بدرة
نغمة حزينة في اللحن الرومانسي
قبل أكثر من‮ ‬32‮ ‬عاماً‮ ‬كنت في بدايات حياتي الصحفية‮.. ‬شاب صغير‮ ‬يتلمس خطواته الأولي بعد أيام من نهاية حياته الجامعية‮.. ‬يدخل محراب الصحافة حينما كانت لها جلال وقدسية ومهابة شديدة،‮ ‬وفوجئت أن من أوائل الحوارات المطلوب مني أن أجريها مع نجم كنت أحلم أن أراه في‮ ‬التليفزيون‮.‬
سألت رئيسي وقتها،‮ ‬معقول أنا سأجري حواراً‮ ‬مع الكابتن حمادة إمام؟‮!‬
رد بمنتهي السرعة الأستاذ عبدالفتاح الديب‮ - ‬يرحمه الله‮- ‬الكابتن حمادة‮ ‬يا ابني من أسهل وأكرم من ستقابلهم في‮ ‬حياتك‮.‬
لم أجادل أستاذي خشية أن‮ ‬يتصور أنني لا أريد العمل،‮ ‬انطلقت إلي النادي وأنا أترقب مقابلة النجم الأسطوري الذي‮ ‬شاهدته في‮ ‬طفولتي لاعباً‮ ‬يصنع شعبية ناديه الكبير ويضيف إليه الكثير‮.‬
إنسانية
ولم تمض ثوان علي‮ ‬لقاء الكابتن حمادة حتي‮ ‬تأكدت أنني‮ ‬أمام إنسان بمعني الكلمة،‮ ‬تطغي إنسانيته علي‮ ‬نجوميته،‮ ‬وهو قاموس في‮ ‬التواضع فلا كلمة من كلمات المجاملة الرقيقة إلا قالها لي وكأنه‮ ‬يعرفني منذ زمن بعيد وكأنني قريب له‮.‬
أذكر أن أحد كبار نجوم النادي في‮ ‬ذلك الوقت طلب مقابلته فاعتذر وقال له أنا الآن أجري حواراً‮.. ‬ولو سمحت انتظرني‮!‬
التواضع
هذا هو حمادة إمام الذي‮ ‬عرفته عن قرب وطوال‮ ‬هذه العقود لم‮ ‬يتغير مطلقاً،‮ ‬كان نائباً‮ ‬لرئيس اتحاد الكرة ونجم التعليق التليفزيوني وهو أشد تواضعاً‮ ‬من أصغر موظف في‮ ‬الاتحاد ومن لاعبين ناشئين ظهروا في‮ ‬هذه السنوات‮.‬
الصدمة
كانت صدمتي كبيرة وأنا أتلقي نبأ وفاة ثعلب الكرة‮ ‬المصرية مثل الملايين وربما كانت صدمتنا أكبر في‮ ‬أسرة تحرير أخبار الرياضة لأنني قبل دقائق من وصول النبأ المفجع كنا قد اتفقنا وزملائي علي أن نتصل بالنجم الخلوق حازم إمام لطلب زيارة والده وأن نسجل له مذكراته في‮ «أخبار الرياضة‮»‬.‬
الهدية
الذين عرفوا حمادة إمام‮ ‬يعرفون أن الرياضة المصرية بل‮ ‬ومصر كلها فقدت قيمة كبيرة في‮ ‬تاريخها،‮ ‬فهو ليس مجرد نجم كروي له عطاء‮ ‬يفوق المئات في‮ ‬سجلات الكرة المصرية‮.‬
وهو ليس صاحب مناصب إدارية في‮ ‬الزمالك واتحاد الكرة وكان أدائه فيهما من الرقي والاحترام الذي‮ ‬نفتقده هذه الأيام‮.‬
وهو ليس فقط والد أحد النجوم الكرويين الموهوبين‮ »‬‬حازم إمام‮» ‬ولكنه بحق أهدي للرياضة المصرية قيمة رياضية وأخلاقية ستظل قدوة لأجيال‮.. ‬فعزاء كل الذين أحبوا الكابتن حمادة إمام أنهم سيعيشون علي‮ ‬ذكراه في‮ ‬وجود حازم‮- ‬بارك الله في‮ ‬عمره‮- ‬وبقي نبع للإنسانية والتواضع امتداداً‮ ‬لنهر عطاء هذه الأسرة المصرية الرائعة التي‮ ‬بدأت بالراحل الكبير‮ ‬يحيي الحرية إمام حارس مرمي مصر في‮ ‬كأس العالم‮ ‬1934،‮ ‬إلي حمادة إمام أسطورة الكرة الزملكاوية،‮ ‬ثم حازم إمام اللحن الرومانسي في مناخ كروي صاخب‮.‬

التعويض
لقد كان حمادة إمام مقطوعة‮ ‬موسيقية رائعة في‮ ‬سيمفونية تعزفها عائلة إمام‮ ‬يرسم البسمة وتصفي بسماعه النفوس ولكنه أصبح نغمات ناي حزين في‮ ‬لحظات تنزع الأنين،‮ ‬فالله تعالي‮ ‬يرحمه ويعوضنا عوض الصابرين الشاكرين بحازم الذي بدأ‮ ‬يخطو في‮ ‬الزمالك كما خطي والده مديراً‮ ‬للكرة‮.‬
المتعصبون
كم واحداً‮ ‬من المتعصبين المجانين من مجموعات التشجيع‮ ‬والخراب‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يستوعب ما فعله الرجل القيمة والقامة المصرية الأهلاوية الكبيرة‮.‬
كم واحداً‮ ‬يمكن أن تطهر نفسه وهو‮ ‬يري طارق سليم سليل آل سليم رموز القلعة الحمراء‮ ‬يتوجه محمولاً‮ ‬مريضاً‮ ‬عقد المرض لسانه ولكنه لم‮ ‬يرض أن‮ ‬يغادر صديق عمره الدنيا من دون أن‮ ‬يلقي عليه نظرة الوداع ويزرف عليه دمعة بمليون كلمة وآهة تحرق قلوب من لديهم مشاعر إنسانية‮.. ‬أما هؤلاء البلطجية وتجار التعصب بين القطبين الذين لا‮ ‬يعلمون كيف‮ ‬يكون حب النادي واحترام المنافس فمن المؤكد أن دموع طارق سليم كانت بالنسبة لتجارتهم كارثة‮.‬
الإرهابيون
وما أكثر الكوارث في‮ ‬مصر منذ‮ ‬5‮ ‬سنوات‮.. ‬لقد أصبح البلطجية وشركاء الجماعة الإرهابية‮ ‬يملأون المواقع الصحفية والقنوات الفضائية،‮ ‬فهم لا‮ ‬يريدون للمصريين عيش ولا حرية ولا كرامة،‮ ‬وإنما‮ ‬يردون لهم دماراً‮ ‬وخراباً‮ ‬تحت هذه الشعارات الجوفاء كما فعلوا في‮ ‬كل دول الربيع العربي الذي‮ ‬تحل مناسبته بعد أيام قلائل‮.. ‬اللهم احمي مصر‮.. ‬اللهم احفظ شعب مصر‮.. ‬اللهم ثبت جيش مصر‮.. ‬اللهم ارحم‮ ‬شهداء مصر‮.. ‬وتحيا مصر‮.‬
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف