عبد الرحمن فهمى
الكاريكاتير أقوي من كل المقالات
بمناسبة ما رويته أمس عن قصة الكاريكاتير الذي أطاح بمعلق كروي.. وهو كاريكاتير للأخ رمسيس في صفحة كاملة من مجلة "الأهلي" عن المعلق الكبير المشهور اللواء محمود إمام مدير أمن الجيزة أيامها ووكيل اتحاد الكرة ووكيل نادي الزمالك.. بهذه المناسبة أريد أن أقول إن الكاريكاتير أقوي وأفعل وصاحب أثر علي كل المستويات من أعلي سلطة إلي رجل الشارع.. كان كاريكاتير رمسيس أقوي من كل مراكز محمود إمام ونادي الزمالك الذي كان رئيسه حسن عامر شقيق المشير!!!
***
بالمناسبة أيضاً.. وقبل أن استرسل في الموضوع..
أحب أن أقول إن رمسيس الذي كان واحداً من خير رسامي الكاريكاتير في مصر وله قضايا مشهورة لم يأخذ حقه في تاريخ الصحافة الفكاهية مثل بعض زملائه.. وهو صاحب برنامج "يا تليفزيون يا" برنامج علي الشاشة ورسومات في المجلات السياسية.. كانت تشد الناس كل الناس.
***
من القصص الكاريكاتورية المشهورة قصة صلاح جاهين مع عبدالناصر شخصياً..
وقع حادث سكة حديد فظيع جداً.. مات كثيرون.. وطالبت كل الصحف بمحاكمة وزير النقل ليكون عبرة لغيره.. وكان عدد كبير من كبار صحفيي زمان لهم مقالات وأعمدة.. وأصبح الرأي العام مشحوناً يريد الثأر لأهالي الضحايا الذين كانوا فوق الحصر!!! وأصر عبدالناصر علي الإبقاء علي الوزير مما كان موضع تعجب وتساؤل الرأي العام كله.
.. عادة عبدالناصر يستيقظ مبكراً جداً ويجد صحف الصباح بجوار السرير ليلقي نظرة سريعة.. فإذا بكاريكاتير لصلاح جاهين يرسم فيه وزير النقل الذي لا أتذكر اسمه وبجواره رسم لمقبرة وهو يرتدي قفطاناً وعمة ويقرأ سوره "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة"
فإذا بعبدالناصر يضحك بصوت عال وظل يضحك فترة.. وتمت إقالة الوزير في صباح نفس اليوم.. ألم أقل لكم إن الكاريكاتير أقوي من عشرات المقالات من كبار الكتاب!! وكان هذا في قمة النظام الدكتاتوري!!
***
وأيضاً.. بالمناسبة.. قبل الاسترسال..
عندما مات واحد من خير فناني مصر.. فنان شامل يقترب من شارلي شابلن.. فهو رسام كاريكاتير من الطبقة الأولي الممتازة وأيضاً زجال وشاعر ومؤلف دراما وممثل.. أخرج أو قل اشترك في إخراج أروع ما عمل في العرائس "الليلة الكبيرة" وهي أيضاً من تأليفه.
كان يعشق عبدالناصر وألف أشهر أغانيه.. لذلك يوم مات في الثمانينات كتب مصطفي أمين ينعيه فكتب عبارته المشهورة:
لقد فوجئت بوفاة صلاح جاهين أمس.. لقد ظننت أنه مات في يونيو 1967!!!
لقد كان لهذه النكسة غير المتوقعة علي وجه الإطلاق تأثير كبير علي عبقريته وفنه!!
***
ومن الرسومات الكاريكاتيرية المشهورة كاريكاتير لعبدالسميع عبدالله رسام روزاليوسف ثم الجمهورية..
سيضحك القارئ الآن عندما أقول له إنه في أواخر الخمسينيات رفع عبدالناصر سعر رطل اللحم "الفاخر" لحم البيتلو إلي 25 قرشاً.. نعم خمسة وعشرون قرشاً فثار الشارع المصري!!!!!!!!!!! لأن الرطل كان بخمسة قروش!!!!
رسم عبدالسميع كاريكاتير غلاف روزاليوسف لرجل أنيق للغاية المونوكل علي أحد عينيه والمنشة في يده والعصا الفضية في يده الأخري والدبوس الذهب علي الكرافته ويمشي وهو البدين المنفوخ مختالاً في عرض الشارع والناس علي الرصيف تنظر إليه بإعجاب.. وتعليق من عبدالسميع في عبارة واحدة فوق رأسه وسهم عليه.. تعليق يقول
معه 25 قرشاً!!!!
كاريكاتير يزيد من غضب الناس!! طبعاً!! في صباح نفس اليوم كان عبدالسميع في السجن الحربي مكان مجمع الصالات الآن بجوار الاستاد.. افرجت عنه السيدة فاطمة اليوسف وإحسان عبدالقدوس ومحمد التابعي!!.. ذكريات!!