اخبار الرياضة
فتحى سند
حمادة إمام.. النسمة الرقيقة
>> كما كان نسمة في حياته.. لا يسيء إلي أحد، ولا يخرج عن الأصول، ولا تسمع له صوتاً إلا الوقت والمكان المناسبين.. وكما كان هادئاً.. رزيناً ومتزناً في سلوكه وتصرفاته.. كما كان نسمة.. غادرنا نسمة. يتحدث عنها كل من عرفوه أو اقتربوا منه.. يشيد بها كل من تعامل أو عمل معه.. يتذكره الكل كلما مر علي الخاطر اسمه.
هذا.. هو محمد يحيي الحرية إمام.. الكابتن حمادة الذي عشق وأحب الزمالك.. فأعطاه حياته.. كان ابناً باراً للواء يحيي إمام.. وأباً عظيماً للنجم حازم إمام.
لن يخلده الزمالك فقط، وإنما كرة القدم المصرية علي مختلف أشكالها وألوانها.. فهو أبدع مع ناديه، وتألق مع منتخب مصر، وأعطي كمسئول وإداري وعضواً لاتحاد الكرة، ومعلقاً شهيراً صاحب مدرسة، ومقدم برامج يتسم بالنزاهة والموضوعية.
شخصية جميلة.. وراقية.
>> يشهد التاريخ الكروي أن الكابتن الكبير حمادة إمام كان ومعه جيله الذي أجاد معه في الستينيات، هو الذي صنع شعبية النادي.. لم يكن الزمالك في أواخر الأربعينيات حيث بدأت بطولة الدوري، وفي معظم سنوات الخمسينيات.. هو زمالك الستينيات التي فتح خلالها حمادة مع زملائه مدرسة الفن والهندسة التي امتازت بالأداء الممتع الذي ميزها عن كل الأندية الأخري، فأقبل عليها الشباب الذي مثل بعد ذلك جيلاً كبيراً من عشاق الفانلة الحمراء.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فإن جيل حمادة إمام يستحق أن يكرم.. سمير محمد علي ورفاعة وأحمد مصطفي وأحمد رفعت وأبورجيلة والجوهري الكبير وسمير قطب وعبده نصحي وعلي محسن وعفت ونبيل نصير وعمر النور.. ولا أريد أن أنسي آخرين.
هؤلاء.. أحبوا النادي وعشقوه.. وكان حمادة إمام هو الفارس الذي غنت له الجماهير: »‬بص شوف.. حمادة بيعمل إيه».. وأصبحت هذه العبارة، أو ذاك الهتاف يستخدم في العديد من المواقف والأحداث، بما فيها الأعمال الفنية.
>> كان حمادة إمام ثعلب في الملعب.. ماكر.. يتمتع بدهاء خارق للعادة.. مخادع للمدافعين.. لا يعرف من يلعب عليه إلي أين يذهب.. و ماذا هو فاعل بالكرة.. أهدافه التي سُرقت من مكتبة التليفزيون المصري متنوعة، ولكن كلها أو معظمها تحمل صفة »الدماغ التي تفكر»‬ قبل أن تسدد أو تلعب بالرأس.
ولأن مدرسة الفن والهندسة فتحت أبوابها في عهد النجم الفذ حمادة إمام.. فقد كانت لها صولات وجولات مسجلة بأحرف من نور، جعلت الزمالك في الستينيات هو الأبرز في إظهار الكرة المصرية بالصورة المشرفة أمام الفرق الأجنبية.. وهل ينسي أحد كيف سحق الزمالك ويستهام الإنجليزي 5/1.. وأحرز حمادة بمفرده ثلاثة أهداف كلها ساحرة وماكرة.. الأول عندما اقتنص الكرة وسط المدافعين وسدد بيمناه، والثاني عندما ضحك علي قلب الدفاع وسدد بيسراه، والثالث بضربة رأس.
ويا سبحان الله.. كانت هذه المباراة »تحفة»‬.. أكد بها الثعلب أنه يلعب برأسه.. كما يلعب بكلتا قدميه.. أين هؤلاء المهاجمين الآن.
>> إذا كان حمادة إمام ماكراً.. مخادعاً.. داهية في الملعب.. فهو في الحياة علي العكس تماماً.. طيب القلب.. عفيف اللسان.. لا يكره ولا يحمل ضغينة.. إنسان نيته سليمة بكل ما تحمل الكلمة من معني.
لن ننسي محمادة إمام.. وسيظل اسمه خالداً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف