صباح الخير
جورج أنسى
طاقة إيجابية للنجاح
مع بداية كل عام.. يتطلع كل منا لتجاوز إخفاقات عام مضى، وتحقيق نتائج أفضل مع العام الجديد.
ولعل الإحباط واليأس هو العدو القوى القادر على تدمير نفسية الإنسان والإجهاز على معنوياته، ومن هنا تأتى أهمية هذا الكتاب الذى يمكن أن يكون صديقًاً دائمًا ومنهج حياة لأى إنسان لمواجهة هذا العدو، حتى أننا يمكننا اعتباره كتابًا لأعوام مقبلة من أجل طاقة إيجابية للنجاح.

ويعدّ كتاب «قوة عقلك الباطن» من أقوى الكتب انتشارًا بين القراء، فقد أفاد الكثيرين بنصائحه الفعالة وترجم إلى العديد من اللغات، فهو يجمع بين الحكمة القديمة والعلم الحديث، ويشمل 20 فصلًا منها على سبيل المثال: الكنز الذى بداخلك، طريقة عمل عقلك الباطن، قدرة عقلك الباطن على المعجزات، دور العقل فى الشفاء، كيف تستخدم عقلك الباطن فى تحقيق الثروة؟ عقلك الباطن والمشاكل الزوجية، عقلك الباطن وسعادتك، وكيف تستخدم عقلك الباطن فى إزالة الخوف؟.. ولذلك يعد هذا الكتاب من أهم أعمال الدكتور الأمريكى جوزيف ميرفى - وهو من أبرز المتخصصين فى مجال تنمية القدرات البشرية وله كتب كثيرة وزعت ملايين النسخ حول العالم - التى تم تنقيحها وتزويدها بتعليقات جديدة من كتابات ميرفى التى لم تنشر من قبل.
وبطريقة عملية وملهمة، وبالاستعانة بأمثلة من الحياة، يستعرض كتاب الدكتور «ميرفي» طرقاً لإطلاق العنان للقوى العقلية المدهشة من أجل بناء الثقة بالنفس، وتكوين علاقات اجتماعية منسجمة وتحقيق النجاح وزيادة السعادة.
• الكنز الذى بداخلك
فى البداية يقول المؤلف: «إن عقلكم الباطن هو مفتاحكم السحرى للسعادة وراحة البال، وربما يتساءل أحدكم: ماذا يمكن أن يفعل هذا العقل الباطن ؟ وما النتيجة الإيجابية التى يمكن أن نحصل عليها من استخدام (العقل الباطن) أو اللاوعى فى داخلنا»؟
ويضيف متسائلاً: «هل تعلمون أن فى باطن كل منكم منجم ذهب؟ نعم هناك منجم ذهب فى باطنكم تستطيعون من خلاله استخلاص كل شىء ترغبون فيه، فمهما كان الشيء الذى تبحثون عنه فإنكم تستطيعون استخراجه من هذا المنجم، وهذا المنجم هو عقلكم الباطن».
تخيلوا أن أمامكم قطعة صلب ممغنطة يمكن أن ترفع ثقلاً يفوق وزنها اثنتى عشر مرة، فإذا ما نزعتم من نفس قطعة الصلب قوة المغناطيس تلك، فهل يمكنها أن ترفع دبوسًا صغيرًا؟ بالتأكيد لا، وهذا يشبه نوعين من الأشخاص أحدهما به قوة المغناطيس، فهو يتمتع بالإيمان والثقة الكاملة فى نفسه ويعلم أنه ما ولد إلا كى ينجح ويحقق الفوز، أما الآخر فليس بداخله قوة المغناطيس الجاذبة، يملؤه الخوف وتسنح الفرص العديدة أمام عينيه فلا يستغلها ويقول لنفسه سأفشل، سأفقد أموالى، لن أحقق أحلامى.. وهكذا، فهذا النوع من الناس لن يحقق الكثير من الإنجازات فى حياته، لأنه إذا كان خائفاً من المضى قدماً، فسيبقى فى مكانه ولن يتقدم، أى أنه لم يجعل عقله الباطن منفتحا أو بالأحرى لم يكتشف قوة عقله الباطن فى تحقيق المعجزات.
لذلك فنحن مطالبون بأن نصبح مثل المغناطيس الجاذب لننطلق نحو النجاح بكل إيمان وثقة، علينا اكتشاف القوة العجيبة الموجودة فى عقلنا الباطن التى تحقق المعجزات، وهذه القوة نملكها فعلا، وعلينا تعلم كيف نستخدمها، لنطبقها فى جميع جوانب الحياة المختلفة.
ولكن ما هو هذا العقل الباطن ؟!
هو مركز للعواطف والانفعالات ومخزن الذاكرة، «عليكم أن تنظروا لعقلكم الباطن كحديقة وأنتم من يقوم بزراعتها، فأنتم من يقوم ببذر البذور وهى الأفكار فى حديقتكم (عقلكم الباطن) طوال اليوم وعلى أساس تفكيركم المعتاد، وإذا كنتم تبذرون الحب والسلام فى عقلكم الباطن فإنكم ستحصدون الزرع فى جسمكم وحياتكم، وإذا كنتم تبذرون الكره والشر فى عقلكم الباطن فإنكم ستحصدون الفساد فى جسمكم وحياتكم».
لذلك لابد من البدء فى زرع أفكار السلام والسعادة والرضا والسلوك الصحيح، «والاستمرار فى بذر هذه البذور (الأفكار) الرائعة فى حديقة عقلكم الباطن وسوف تحصدون محصولا رائعا، فعندما تكون الأفكار التى أودعتموها فى عقلكم الباطن أفكارًا بناءة خالية من الاضطراب، فإن القوى العجيبة الفاعلة لعقلكم الباطن سوف تستجيب وتتماشى مع الظروف بطريقة ملائمة».
صحيح إننا لا نستطيع تغيير الظروف المحيطة بنا أو العالم الخارجى، ولكن نستطيع أن نغير أفكارنا وما بداخلنا حتى نتأقلم مع الظروف والأحوال .. وقد يسأل البعض: هل يوجد لدى الإنسان عقلان، على ذكر وجود عقل واعٍ وعقل باطن؟!.. والإجابة لا، فكل شخص يملك عقلا واحدا، لكنه يتسم بسمتين مميزتين، والمهمتان اللتان يقوم بهما غير متشابهتين، فكل مهمة لها خواص مميزة تفصلها والتسمية التى تستخدم للتمييز بين وظيفتى العقل هى العقل الواعى والعقل الباطن.
إن العقل يشبه الملاح وقائد السفينة الواقف على مقدمتها، فهو يوجه السفينة ويصدر الأوامر إلى طاقم السفينة، لذلك فإن عقلكم الواعى هو الربان والقائد لسفينتكم التى تمثل جسمكم وبيئتكم، ويتلقى عقلكم الباطن الأوامر التى تصدر من عقلكم الواعى ويقبلها كحقيقة.
فعندما يقول أحد ما: (أنا فاشل لن أنجح) عندئذ يقتبس عقله الباطن كلمته ويعتبرها دليلا على أنه فعلا فاشل، وعندما يصر على هذه الكلمات فإن عقله الباطن سوف يتبع أوامره وسيمضى طوال حياته فاشلا.
هناك مثال بسيط، فعندما تقول امرأة ما: (استيقظ حتى الساعة الثالثة، إذا تناولت قهوة فى الليل) فعندما تتناول هذه السيدة قهوة فإن عقلها الباطن ينبهها ويقول لها: «(عقلك الواعي) يريدك أن تظلى مستيقظة هذه الليلة» إذاً هى التى أدخلت هذه الأفكار والمعتقدات فى عقلها.
ولذلك وهناك تمرين بسيط لاختبار قوة العقل الباطن، فقبل أن تناموا قولوا وكرروا هذه العبارة عدة مرات باقتناع تام، أى أنكم مقتنعون بقوة عقلكم الباطن وأنه يستطيع فعل ذلك: (أريد الاستيقاظ فى الساعة ....... «حددوا الوقت» وسيوقظكم - العقل الباطن - فى هذا الوقت الذى حددتموه تماما (تذكروا باقتناع تام حتى ينجح التمرين).
• طريقة عمل العقل الباطن
هناك مستويان لعقلكم.. المستوى الواعى والمستوى اللاواعى (العقل الباطن)، فأنتم تفكرون بعقلكم الواعى (أو أى شيء تفكرون فيه باعتياد)، فهذا التفكير المعتاد يغرق فى عقلكم الباطن الذى يبدع طبقا لطبيعة أفكاركم.
فإذا فكرتم فى الخير، سوف يتدفق الخير فى عقلكم الباطن، وإذا فكرتم فى الشر سوف يتدفق الشر فى عقلكم الباطن.. إن هذه هى طريقة عمل عقلكم الباطن، فهو يتعامل مع أفكار الخير والشر بالتساوى.
ولكن هل تعلمون ما قانون عقلكم؟
القانون هو أنكم ستحصلون على استجابة أو رد فعل من عقلكم الباطن وفقاً لطبيعة الفكرة التى تحتفظون بها فى عقلكم الواعى.
إن عقلكم الباطن يتقبل ما يطبع بداخله أو يؤمن به عقلكم الواعى، إنه لا يجادل عقلكم الواعى، بل يطبق الأوامر على أنها صحيحة وصادقة حتى لو كانت عكس ذلك.
فبمجرد أن يتقبل عقلكم الباطن أية فكرة فإنه يبدأ فى الشروع فورا فى وضعها موضع التنفيذ، ويعمل عقلكم الباطن من خلال ربط الأفكار باستخدام كل معرفة اكتسبتموها فى مراحل حياتكم لتحقيق الغرض المنشود، ويعتمد عقلكم الباطن على الطاقة والقوة والحكمة اللامحدودة الكامنة فى داخلكم، وفى بعض الأحيان يظهر عقلكم أنه قادر على التوصل لحل فورى لمشاكلكم، ولكن فى أوقات أخرى قد يأخذ الأمر أياماً وأسابيع أو أكثر.
ويقال أحياناً عن العقل الواعى إنه العقل الظاهرى، أى أنه يتعامل مع الأشياء الظاهرية والخارجية، ويكتسب الإدراك والمعرفة للعالم الظاهر، حيث يتعلم عقلكم الواعى من خلال الملاحظة والتجربة والتعليم، ووسائله فى الملاحظة هى الحواس الخمسة، أى أن عقلكم الواعى موجه فى اتصالكم بالبيئة الخارجية المحيطة بكم، وأن أعظم وظيفة لعقلكم الواعى هى التفكير.
فمثلا لنفترض أن كلاً منكم ذهب إلى مكان محبب حيث الطبيعة الخلابة، ستستنتجون أن هذا المكان جميل بناء على ملاحظاتكم لهذه المناظر الطبيعية، فهذا ما توصل إليه عقلكم الواعى (الظاهري)، أما عقلكم اللاواعى أو الباطن فإنه يفهم عن طريق الحدس أو البديهة، ويمتلك عقلكم الباطن القدرة على رؤية كل ما هو واقع وراء نطاق البصر وهو ما يطلق عليه الاستبصار أو حدة الإدراك.. فالعقل الباطن هو الذكاء الذى يظهر عندما يكون العقل الواعى فى حالة نعاس أو نوم أو هدوء.
أيضاً هناك قانون آخر للعقل الباطن، وهو أنه مذعن للإيحاء أى (سهل الانقياد).. والإيحاء هو عمل أو سلوك يستهدف وضع شيء ما فى ذهن وعقل أحد الأشخاص، وهو عملية عقلية يقبل الشخص من خلالها الفكرة التى أوحيت إليه ويضعها موضع التنفيذ.
.. ولكن هل للإيحاء قوة، وما هو دور العقل الباطن فى هذا الإطار.. هذا ما سنعرضه فى الحلقة المقبلة. •
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف