صباح الخير
وليد طوغان
معارك الأزهر من خليل عبدالكريم.. لبقرة الشرقية!
السؤال المهم: هل معركة المؤسسة الدينية فى مصر مع إسلام بحيرى وسيد القمنى وآراء نصر أبوزيد وكتب فرج فودة فقط؟
الإجابة: لا، لكن هناك معارك أخرى للأزهر لا أحد يعرف لماذا تناساها وتركها ونبذها، حتى صارت الأزمة إسلام بحيري، وصارت المصيبة كتب أبكار الثقاف، وأصبح تداول كتب خليل عبدالكريم بلوى سوداء ومصيبة ثقيلة.

إذا كانت معركة الأزهر مع التطرف، فإن الخرافة تطرف، والتراث الدينى الشعبى تطرف، وتحول بعض التراث الشعبى إلى مسلمات دينية تطرف أيضا. لكن الأزهريين، سجنوا إسلام بحيرى، وتركوا مشايخ الرقية والشرعية فى القاهرة الكبرى، وأفلتوا شيوخ إخراج الجن بآية الكرسى، ورجال جلب الحبيب بسورة الرحمن، ورد المطلقة بسورة النساء فى الشرقية والغربية والمنوفية، والمدن الكبرى فى الصعيد من المنيا حتى سوهاج.
إن جيت للحق، متطرفو إخراج الجن بالقرآن الكريم، والاعتقاد الجمعى فى علاج الأمراض المستعصية بالسنة النبوية، أخطر من بحيرى والقمنى وخليل عبدالكريم. سطوة الخرافة الدينية على المجتمع أشد وطأة من نقد البخارى، والكلام عن المجروحين فى كتب مسلم، ومسند ابن حنبل.
لا يرى رجال الأزهر أن مجتمعاتنا غرقت فى الخرافة. ولا يدركون خطورة ربط حمل العاقر بعدد مرات قراءة سورة البقرة، ولا علاج الصرع بآيات من كتاب الله، على مجتمع يسعى للديمقراطية، ويتطلع لمشاريع قومية، ويسعى لخفض عجز ميزان التجارة، ويحارب البطالة، وسيتقدم الدكتور زويل لتأهيل أجيال من العلماء الجدد.
مشايخ الرقية الشرعية، وتفسير الأحلام بالطرق الشرعية يبلغون عن انفسهم فى إعلانات الشوارع، وعلى شاشات الفضائيات، لكن لا الشيخ شومان رأى عيبا، ولا الشيخ الامير انتفخت أوداجه خوفا على صحيح الدين.
بعضهم يرى أن للأزهر مشايخ احترفوا الرقية الشرعية، وللأوقاف ئمة هم الذين صدروا أسرار العلاقة بين الحديث النبوى، وبين تفسير الأحلام وعلاج مرضى سلس البول الليلى فى القرى والنجوع ابتغاء مرضاة الله.
إذا كان مصيبة، وإذ لم يكن فلماذا لا تظهر كرامات الأزهر، ومعارك رجاله مع فكر خرافى شعبى، ارتبط بالدين، وبالإسلام وبسنة النبى، بدلا من صراع صاخب فى المحاكم على إغلاق البرامج، وحبس المجتهدين؟
هل أتاك حديث بقرة المنوفية؟ منذ أسابيع، أعلن الأهالى ميلاد بقرة «بركة» فى إحدى قرى المحافظة، فحملوا أطفالهم المرضى، ونساءهم العجائز، مع مرضى الروماتيزم، والإنفلونزا لشربة لبن قالوا إنها تطلع المرض، وترد الصحة، مع آيات من سورة الرحمن.
وفى الشرقية، جاء نائب سابق بمجلس الشعب، طلبه ائمة بالأوقاف، لإطفاء حرائق قالوا إن الجن يشعلها، وإن بركة النائب، بحب رسول الله، تطفئها. لم يلتفت الأزهر إلى ضلوع أئمة من الاوقاف فى مسخرة الشرقية.. ولا إلى أن فى قصة بقرة المنوفية من أوفدته المؤسسة الدينية لمعاينة البقرة، فكتب تقريرا جاء فيه أن البقرة أدرت لبنا من عندها، لا من عند الله؟!
هل أبحاث أبكار الثقاف، وفراس السواح، ونظريات خليل عبدالكريم هى التى فقط لا تقيم الدين، ولا تبنى الشعائر، أم أن آلافاً من رواد البقرة، ومرتادى عيادات نائب الجن، لا يقيمون الدين أيضا، ولا يعرفون الفرق بين العقيدة، وبين حبكات أفلام الكارتون، وحكايات أبورجل مسلوخة؟
إسلام بحيرى فى السجن الآن، فهل نطمع سريعا فى بوادر خطاب دينى مجدد، ينزع الخرافة الشعبية من الإسلام، مثلما سارع الأزهر فى نزع مقدمى البرامج والمؤلفين من المجتمع، ردعا لهم، وحفاظا على المجتمع؟
سألت مرة أحد المشايخ الكبار عن معنى تجديد الخطاب الدينى، فأجاب بتهويمات بدءا من أنه نفسه لا يعرف. أغلب الأزهريين لا يعرفون بالضبط ما المقصود بتجديد الخطاب الدينى، ولا ما الذى يجب أن يفعلوه ليبدءوا التجديد. لا يعرفون إلا كلاما جميلا فى المؤتمرات وفى مذكرات الأبحاث، والمؤتمرات العامة.. كله ضجيج بلا طحين.
الدكتور أسامة الأزهرى، راح مجلس الشعب، بينما راح إسلام بحيرى فى ستين داهية.. هل هذا يجب أن نفهمه عن الخطاب الدينى وتجديده؟
فى المأثور الشعبى: السجن للجدعان، وفى المأثور الدينى الحديث أنه أصبح للمجتهدين أيضا. فى المأثور الشعبى، كان رجل الدين لين الكلام، حليماً بالمختلفين، حكيم السلوك، بشوش الطلعة، ضاحك السن. لكن فى الوقائع الأخيرة لمحاكمة بحيرى، ظهر من رجال الدين ألف سبارتكوس، ومليون أنطونيوس.. وآلاف ممن يشبهون قادة الفايكينج فى المعارك الحربية. لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.. لكن المشايخ تكاثروا على إسلام بحيرى، فيما تركوا الساحة لقصص ستتوارثها أجيال عن بقرة المنوفية، وحرائق الشرقية.. وربما تنتهى بمقام مطلى القبة باللون الأخضر، لنائب العفاريت، يتبارك به العواجز والعوانس، بعد عمر طويل.. لما ربنا ياخده!•
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف