المساء
مؤمن الهباء
شهادة إشارات غير مطمئنة
لأنه النيل شريان الحياة في مصر.. ولأننا نستشعر خطرا حقيقيا من جراء بناء سد النهضة الإثيوبي.. ولأن المفاوضات طالت أكثر من اللازم دون أن تقدم شيئا ملموسا يطمئننا.. فقد صارت لدينا حساسية تجاه الإشارات التي تصدر عن كل من له علاقة بسد النهضة والمفاوضات.. نتابع وندقق ونحلل عسي أن نجد ضوءا في نهاية النفق.
وبعد أن انتهت جولة المفاوضات "الفنية" الأخيرة التي انعقدت في أديس أبابا بين الأطراف الثلاثة - مصر والسودان وإثيوبيا - وتركزت حول طلب مصر زيادة عدد الفتحات الجانبية للسد لتمرير المياه حتي لا تتأثر حصتها في فترات الجفاف خرجت إشارات عديدة غير مطمئنة.. تتضمن ما هو أبعد من رفض الطلب المصري وضرورة القبول بالأمر الواقع.
هذه الإشارات وردت متفرقة في العديد من الصحف منسوبة لمصادر إثيوبية ومصرية نذكر منها:
* قالت الشركة الإيطالية المسئولة عن بناء السد "ساليني امبريجيرو" إنها ماضية في بناء السد.. وأن موعد الانتهاء من بنائه سيكون في غضون 6 أشهر.. وأضافت الشركة في رسالة عبر البريد الالكتروني إلي "المصري اليوم" نشرتها الأحد الماضي - 10 يناير - أن التعديلات التي طلبتها مصر بشأن تخصيص فتحتين للطوارئ في جسم السد يستحيل تنفيذها.. وأن التصميم الحالي هو النهائي للسد.. ولن يتم إجراء أي تعديلات عليه.
والسؤال الآن: إذا كان الأمر علي هذا النحو. وبهذا الحسم. فما فائدة المفاوضات والبحث عن شركات عالمية لدراسة المواصفات والتعديلات؟!.. ألا ينبهنا ذلك إلي ضرورة البحث عن مسارات أخري للتفاوض غير المسار الفني؟!
* وقال الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية في تصريحات نشرتها أيضا "المصري اليوم" الأحد الماضي إن الاجتماع الفني الأخير لخبراء السد بأديس أبابا كشف وجود بيانات ومعلومات جديدة خاصة بالتصميم والفتحات الاحتياطية لم يتم إبلاغنا بها سابقا. حيث تمت مناقشتها. وبناء علي وجهه النظر الإثيوبية فإن هذه الفتحات الحالية كافية لتمرير المياه الكافية في التوقيت المطلوب.. وعموما نحن نسير في المفاوضات بشكل احترافي.
* وقال مسئول مصري مطلع علي ملف المفاوضات لـ "الشروق" إن المناقشات الفنية خلال الاجتماع الذي انعقد في أديس أبابا كانت محتدمة.. وكل طرف حاول الالتجاء إلي أمور فنية دقيقة لتبرير موقفه ووجهة نظره.. وكان من الصعب التوصل إلي اتفاق فني.. خاصة أنه لم يكن هناك خبير أجنبي محايد للفصل بين الآراء الفنية وتقييمها وتحديد امكانيات تنفيذ المقترح المصري.. كما أن الجانب الإثيوبي اكتفي بعرض وجهة نظره الرافضة دون إبداء أي مرونة لمناقشة ما أثاره الخبراء المصريون.
* وقال سامح شكري وزير الخارجية في لقاء بمقر الجمعية المصرية للقانون الدولي نشر "الأهرام المسائي" جانبا مما دار فيه يوم الأحد الماضي أيضا إن مفاوضاتنا مع إثيوبيا هدفها بناء الثقة وإزالة الرواسب.. ونقبل لها ما نرتضيه لأنفسنا.. فإذا كنا لا نقبل بالتدخل في شئوننا الداخلية فلنقبل ذلك للآخرين خاصة في القضايا المهمة.. هناك مصالح إثيوبية وهناك عدم ضرر لمصر.. والحديث عن حصة مصر من المياه هو إطار ثنائي بين مصر والسودان ولا علاقة لاثيوبيا بالأمر.. ونحن هنا لا ندافع عن إثيوبيا.. ولكن وفق مكونات المصلحة المصرية وفي المفاوضات الثنائية نكون مدركين لمصلحة الطرف الآخر ونهدف إلي الوصول إلي نقطة توافق.
وكرر الوزير أن كثيرا من المعلومات والمواقف المطروحة حول الموقف الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة يفتقر إلي الدقة ولكن هناك توجه مخلص للتنفيذ الأمين لاتفاق المبادئ.. وهناك محطات لاختبار تنفيذ الطرف الآخر وتحركنا يكون بناء علي ذلك التنفيذ من الجانب الإثيوبي.
أخشي أن تكون هذا التصريحات مقصودة لفتح باب للتراجع أمام الغطرسة الإثيوبية.. ولذلك أضعها ضمن الإشارات غير المطمئنة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف