نشوى الحوفى
جلسات النواب.. بين العلنية والمنع
بعيداً عن الضجيج الحادث حول قرار مجلس النواب بعدم إذاعة جلسات المجلس على الهواء مباشرة، وهو القرار الذى اعتبره البعض مخالفة للدستور المستفتى عليه فى يناير 2014، واعتبره آخرون شكلاً من أشكال التعتيم على ما يحدث تحت قبة مجلس النواب. أجدنى أتفق مع القرار، وأرى فيه كثيراً من المنطق المتسق مع سياق العمل البرلمانى، وما يتطلبه من آليات.
نبدأ بمخالفة القرار لمواد الدستور، وبالتحديد المادة 120، كما قال البعض، التى تنص على علنية جلسات البرلمان. يعلم المتخصصون واللغويون قبلى الفارق بين كلمة «علنى»، وبين الإذاعة المباشرة على الهواء تليفزيونياً وإذاعياً، فالعلنية تعنى يا سادة مناقشة النواب للقوانين والقرارات وطلبات الإحاطة والاستجواب، وكل ما يتعلق بشئون البرلمان بحضور الصحفيين والإعلاميين من ممثلى القنوات والإذاعات وممثلى كافة المؤسسات والهيئات المسموح لها حضور الجلسات كالجهاز المركزى للمحاسبات، على سبيل المثال. وتلك هى العلنية التى أعلمها وتطبقها غالبية دول العالم فى جلسات برلماناتها، ويقوم فيها الصحفيون وممثلو القنوات بعمل تقارير وأخبار عن المناقشات، وأهم ما دار فيها، ونشرها فى المواقع الإلكترونية أو الصحف الورقية أو القنوات والإذاعات دون عرضها كاملة.
رفضت علنية جلسات مجلس النواب منذ مجلس شعب الإخوان، لأنها فى رأيى المتواضع لم تمنح المجلس سوى فقد لهيبته مع متابعة كافة تفاصيل ما يحدث به. بالإضافة إلى كونها باتت وسيلة لفساد النواب من الطامعين لعرض مشاركتهم على الشاشات، ليراهم سكان دوائرهم، أو الطامحون لعمل حالة من الجدل والاستعراض الإعلامى أمام الكاميرات، ثم دعونى أسألكم سؤلاً: ألسنا مجتمعاً يسعى للإنتاج والعمل؟ كيف سنفعل ذلك، بينما تقضون مساءكم أمام القنوات لمتابعة الحرائق والهرى والفتى فى برامج التوك شو، ونهاركم فى متابعة كافة مناقشات مجلس النواب، وكأننا لا نملك عملاً علينا متابعته؟
ودعونا ننظر للقضية من منظور آخر: ألا يُعد ما يدور من مناقشات حول تفاصيل القوانين والمواد وحقائق الأمور ومناقشة الميزانيات وتفاصيلها نوعاً من الخصوصية المصرية، التى لا يجب إطلاع العالم عليها، بعدما باتت الدنيا قرية إعلامية صغيرة؟ أليست تلك المناقشات شأناً مصرياً خالصاً؟
ونأتى لسؤال فصل ربما سيتردد لدى المعارضين لقرار منع الجلسات من الإذاعة على الهواء، كيف يمكن للشعب أن يعلم ما يدور من مناقشات وطريقة سيرها، وما آلت إليه؟ أجيبكم يا سادة بأن هذا حق أصلى للشعب، وكافة المصريين يمكنهم متابعته بطريقة إعلامية مهنية عن طريق الصحف والمواقع الإخبارية، كما ذكرنا من جانب. ومن جانب آخر لدينا قناة لمجلس الشعب يمكن لها عمل تقارير على مدار اليوم عن أهم المناقشات للقوانين، وأهم طلبات الإحاطة والاستجوابات التى تمت مناقشتها فى المجلس مع قيام القناة بعمل توعية بمواضيع النقاشات بطريقة الإنفوجراف والخرائط التوضيحية للجمهور والمواد الفيلمية والوثائقية الخاصة بكل قضية لزيادة الوعى والفهم إن أردنا التوعية يا سادة، ولم نسع وراء الجدال المحتدم طيلة الوقت، وهذا ما تعلمته من دراسة الإعلام، وهذا ما تطبقه دول كثيرة.
رويدكم ببلادكم وقضاياها التى يجب عليكم مناقشتها بها. رويدكم ببعضكم وفهمكم ووقتكم وأولوياتكم. رويدكم يا سادة فقضيتنا الأولى هى العدالة الاجتماعية، التى لن تتحقق بالشعارات، ولكن بالعمل الدؤوب فى كل مواقع الإنتاج. كفانا شجاراً وتناحراً فما زال عدوكم يتربص بكم وبمصركم، وما زلنا لا نملك رفاهية الفراغ الذهنى والعملى.