مرسى عطا الله
عبد الناصر الثامن والتسعون !
غدا الجمعة الخامس عشر من يناير تحل الذكرى رقم 98 لمولد الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الذى مازال حيا فى قلوب الملايين سواء أولئك الذين عاصروه أو الأجيال الجديدة التى تعلقت باسمه دون أن تراه.
والحقيقة أن جمال عبدالناصر هو أول زعيم عربى فى العصر الحديث ينجح فى صنع رباط متين مع غالبية شعوب الأمة التى أحبته رغم انكساراته لأنها كانت تلمس فيه عمق الصدق وجدية الرغبة فى صنع تغيير حقيقى على أرض الواقع وهذا هو الذى لم يكن على هوى من لا يريدون لهذه الأمة أن تحطم أطواق التبعية للقوى الأجنبية.
إن الجماهير التى أحبت - ومازالت تحب - جمال عبد الناصر رأت فيه أملها فى العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى فالرجل لم يكن يهاب أحدا مهما بلغت قوته وكانت جماهير الأمة هى سنده وهى سلاحه الذى يستند إليه عندما تشتد الأزمات وتحل النوائب.
وبدءا من الإصلاح الزراعى وتحديد الملكية وتوزيع الأراضى على المعدمين وجلاء القوات البريطانية عن مصر ومرورا بتأميم قناة السويس ومواجهة العدوان الثلاثى عام 1956 ووصولا إلى اقتحام آفاق التصنيع وإقرار مجانية التعليم فى كل مستوياته تعاظمت شعبية الرجل وجماهيريته وبفضل هذه الشعبية الطاغية والجماهيرية الكاسحة خرجت جماهير 9 و 10 يونيو 1967 تهتف باسمه وتطلب استمراره وترفض قرار التنحى وتجدد الثقة فى قدرته على تجاوز التداعيات السلبية لنكسة الهزيمة والشروع فى إعادة البناء الكامل للقوات المسلحة وهو ما تحقق بالفعل فى زمن قياسى وفر لمصر إمكان بناء أول خط دفاعى غرب القناة بعد أشهر قليلة من النكسة والدخول بعد ذلك فى معارك الدفاع النشط التى تخللتها معارك كبرى مثل رأس العش وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات مما هيأ الأرضية النفسية لبدء حرب استنزاف عامى 1969 و1970 بلغت ذروتها فى قطع الذراع الطويلة لإسرائيل وتحطيم أسطورة السلاح الجوى الإسرائيلى فى 30 يونيو 1970 الذى شهد مذبحة طائرات الفانتوم الأمريكية بفضل اكتمال شبكة الدفاع الجوى الرهيبة التى تم تحريكها بعد ذلك إلى حافة قناة السويس ليلة 8 أغسطس 1970 ومن بعدها لم يكن هناك شك فى قدرة القوات المصرية المسلحة على عبور قناة السويس فى اليوم الموعود والذى تحدد بعد رحيل عبد الناصر بقرار من الرئيس السادات فى 6 أكتوبر 1973.
تلك مجرد لمحات خاطفة فى ذكرى مولد زعيم عظيم مازال يخطف القلوب حتى اليوم كلما ذكر اسمه أو رفعت صورته فى الميادين.