هذا هو اليوم الذي أنتظره.. ليس لأنني لا أقيم وزناً لـ 25 يناير.. ولكن لأنني ضجرت من هذه "الفوبيا" وهذا التضخيم والخلاف حول ذكري مضت.. كانت.. أصبحت.. لا مجال اليوم إلا للاحتفال بها.. إلا للاحتفاء بمصر.. لا أن يكون يوماً مرتقباً أو مخيفاً.. وهو لن يكون كذلك إن شاء الله.. فمصر الآمنة عرفت الطريق وأوشكت أن تتجاوز الكثير من خطايا الماضي.. ولولا المفسدون المختبئون في كل جحر من زوايا الوطن لقلت إنها عبرت إلي المستقبل.
يبدو 25 يناير بين الناس يوماً عادياً.. لكنه في دهاليز إدارية كثيرة لا يبدو كذلك.. ولا أعرف سبباً لهذه الحالة وإن كانت في كل الأحوال لصالحنا.. فنحن في اشتياق لـ "الضبط والربط" ولهذه الأكمنة ولرؤية الضابط والعسكري ورجل المرور في الشارع.
26 يناير هو يوم أحدد فيه مواعيد إن شاء الله وأحياني أتوقع صباحاً كذات الصباحات لا جديد فيه إلا أن استبدلت شاي الصباح بالقهوة.. أتوقع ألا أطالع علي الشاشات أو في الصحف والمواقع إلا نفس الأخبار التي أريدها معادة حتي لو مللت فيها.. ففي الاعتياد لذة وأمن واستقرار.. سأجلس مع أبنائي وسننظر من نافذة باتساع صدورهم علي بعض من وطن نعشقه ولا نريد له الاستمرار في دوامة الفوضي والتكالب والاستنزاف.
25 يناير كانت ثورة واستحقت أن تكون كذلك.. لم تكتمل ربما.. سطا عليها البعض.. ممكن.. جاءت 30 يونيو وصححت مسارها وأيقظت مصر من سبات عام من الجنون.. لكن كل ذلك بات للتاريخ.. للدروس.. للعبر.. لا يمكن أن يظل مناسبة للابتزاز من كل من هب ودب.. لا يمكن أن تكون مناسبة لخدش حجر واحد في مصر.. لا يمكن أن تكون أيام الحرية مناسبات للحزن والخوف والترقب المقيت.
أثق في قرارة نفسي ولأنني واحد من طرح هذه الأرض ونبتها أن الغالبية العظمي من أولئك البسطاء الكادحين في بلادي يخططون أو يتحينون فرصة لتحقيق مأرب إلا سد احتياجاتهم.. وأن دعاوي الزيف يصنعها كل مغرض صاحب مصلحة أو غاية حتي لو ادعي أنه من تلك النخبة المهمومة بالوطن.. وكثير منهم في حقيقة الأمرمهموم بذاته وطموحه وأحلامه التي تراوده ويخشي أن يمضي العمر دون أن تتحقق.. من هنا لا سبيل أمام هؤلاء لتحقيق ما يريدون لأن الناس إن لم تكن تشعر بالفرق.. فهي علي الأقل جربت وعاينت وعاشت أياماً لا تريد لها أن تتكرر.
سيمضي 25 يناير ربما دون أن أشعر به إلا من أحاديث من يجلس بجانبي أو من لقطة علي الشاشة أو خبر ككل الأخبار.. وأنا في اشتياق أكثر لـ 26 يناير.. هو صباح يوم من أرق لا أحبه.. هو صباح كوجه ابني وابنتي وكابتسامة الصغير.. هو صباح لا شيء فيه من الأنانية بادعاء انني من طينة غير الطينة أو انني أعيش حياتي وحولي كثير من المطحونين لا أحد يهتم بهم.. هو صباح علي وجه عامل القمامة يغني رغم الحاجة والهموم.. سأنتظر 26 يناير فهو صباح الثورة الخالي من الصخب.
** ما قبل الصباح:
سيكون ما قبل صباح 26 يناير دعاء أن يحفظ الله مصر أرضاً وشعباً وأملاً.