المساء
محمد جبريل
متي يفيق الساسة الإيرانيون؟
مخطئ من يضع العلاقات العربية - الايرانية في إطار الخلافات الدينية بين السنة والشيعة. ثمة مئات الساسة والمؤرخين والعلماء والرحالة أضافوا معطيات مهمة إلي التراث الاسلامي. وإلي التراث الانساني بعامة. وحتي الآن فإن الكثير من الباحثين العرب يعرض انجازات لعلماء مسلمين لايشغلهم إن كانوا من السنة أم الشيعة. وأذكر أني أشرت في مقالة بجريدة خليجية إلي العالم الاسلامي الكبير ابن سينا. باعتباره عالماً مسلماً عربياً. واتصل بي صديق مثقف ينبهني إلي أن ابن سينا عالم مسلم من الفرس. وبدت لي الملاحظة- وقتها- تقسيماً لامبرر له بين السنة والشيعة. يختلفان في أمور كثيرة. لكنهما يتفقان في الانتماء إلي الدين الاسلامي. استعدت ملامح كثيرة لم يمثل فيها الاختلاف المذهبي خلافاً بين المسلمين. أيا تكن اتجاهاتهم العقائدية والمذهبية.
تذكرت زواج أميرة مصرية سنية المذهب هي فوزية من ولي عهد إيران رضا بهلوي الشيعي المذهب. وتذكرت أصدقاء صحفيين وساسة وعلماء ورياضيين أسهموا في صياغة الحياة داخل مصر والوطن العربي. دون أن أفطن إلي مذهبهم الديني. وما إذا كان التعايش في ظل الاختلاف المذهبي يفرض التسامح أم الاختلاف الذي يبلغ حد العداء.
لم تكن الاختلافات تجاوز حدود الانتماء إلي الدين الواحد. وإذا كان الشيعة الايرانيون يؤكدون ولاءهم لآل البيت. فإن السنة المصريين يجدون في حبهم لآل البيت تعبيراً عاقلاً عن حبهم لمن نردد في صلواتنا عبارة الصلاة والسلام عليهم.
وحين قال حاكم أموي للإمام جعفر الصادق: الناس يحبونكم قال الامام: وهل تتصور ان الناس لايحبون آل البيت؟ لماذا إذن يدعون الله أن يصلي علي رأس الدعوة المحمدية حالة يبارك عليهم؟
اثق أن الظواهر السلبية في العلاقات العربية - الايرانية. قد بدأت في التسلل عبر الخلافات السياسية. وجدت في الاختلاف المذهبي ما يؤكد وجهات نظرها. بقطع النظر عن التطلعات الشخصية والاممية. ورغم اشتداد المرض علي الامام الراحل الخميني في آواخر أيامه. فإن وصيته التي حرص أن يلقيها بنفسه هي: عندما تنتهي الحرب مع العراق. علينا أن نبدأ حرباً أخري. أحلم أن يرفرف علمنا فوق عمان والرياض ودمشق والقاهرة والكويت.
بالطبع. فإن العلم الذي قصده الامام الخميني هو علم إيران الفارسية وليست إيران الشيعية. كان الشيعة- عبر مئات القرون- جزءاً في النسيج العربي. دون التفات إلي الاختلافات العرقية أو المذهبية. بل إننا تغنينا بقصيدة لعبد الوهاب عن مهيار الديلمي أشادت بسؤدد الفرس ودين العرب. لم نجد في القصيدة إلا أنها عمل فني يستحق الاعجاب!
أيا يكن البادئ بالعدوان في الحرب العراقية الايرانية. فقد كان من الاصوب ان تجد الحرب حلاً سريعاً. من خلال مبادرات وتدخلات قوي اسلامية تحرص علي سلامة العالم الاسلامي. وشباك السلم العالمي بالتالي. من قوي التآمر وصفقات السلاح. والسعي إلي جعل المسلمين أدوات لحروب الغرب في المنطقة.
أشير إلي قول شارون رداً علي سؤال: كيف تساعدون إيران ضد العراق. وشعب ايران يهتف: الموت لاسرائيل؟.. قال شارون: إيران عدو استراتيجي. والعراق عدو تكتيكي! هذه هي النظرة التآمرية للغرب. وقاعدته في فلسطين المحتلة. إلي صراعات المنطقة. يحاولون النفاذ من أية ثغرة. لاشاعة فوضي الدمار الذي يعيد أصداء الحروب الصليبية!
يبقي أن يفيق الساسة الايرانيون إلي حجم المؤامرات. فلا يشاركون فيها بنية متعمدة. أو بدونها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف