أكد النائب مصطفى بكرى أنه اتفق مع الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، على عقد جلسة عامة -الثلاثاء المقبل- لمناقشة تقرير لجنة الرئاسة الذى يدين المستشار هشام جنينة بالتضليل والإغراض والإساءة إلى سمعة البلاد والإضرار بأمنها واقتصادها، بمناسبة حديثه عن أن أرقام الفساد خلال الأعوام الأربعة الماضية تقدر بـ600 مليار جنيه، وأضاف النائب أن مناقشة التقرير ستتم فى حضور رئيس الوزراء والمستشار هشام جنينة، وأن جلسة المناقشة ستكون علنية. هذا كلام جيد ومحترم، فلا معنى لمناقشة التقرير فى غيبة الأطراف ذات الصلة به، والأكثر احتراماً أن يتم هذا الأمر بشكل معلن وشفاف أمام الرأى العام المصرى، من خلال بث هذه الجلسة تليفزيونياً.
بعيداً عما تضمنه تقرير اللجنة التى شكلها الرئيس لمراجعة تصريح الـ600 مليار، فإن ثمة مؤشرات شفافية عديدة تتعلق بها. فقد فعل الرئيس خيراً حين بادر إلى تشكيل لجنة للتحقق من الأمر، وكذلك أحسنت اللجنة، حين ضربت رقماً قياسياً فى المدة التى استغرقتها فى إعداد تقريرها، خلال أسبوعين، ولعلك تعلم تلك القاعدة التى تقول «إذا أردت أن تقضى على موضوع فأحله إلى لجنة». هذا لم يحدث بالنسبة لأداء لجنة «جنينة»، إذ سابق أعضاؤها الزمن وخرجوا بالتقرير الذى تضمن عريضة الاتهامات التى ذكرتها لك. واستكمالاً لمسلسل الشفافية، فإننى كمواطن أتمسك وأدعو غيرى من المواطنين إلى التمسك بالحق فى مشاهدة مناقشة نواب الشعب لما ورد بالتقرير، وردود المستشار «جنينة» عليهم.
الفساد فى مصر أمر معلوم بالضرورة، وليس هناك خلاف على أن نظام حكم «مبارك» كان يطير، طيلة ثلاثين عاماً، بجناحين؛ أولهما الاستبداد، وثانيهما الفساد، وأن كل من ثار فى يناير كان يعلم أنه ينتفض ضد هذين الأمرين على وجه التحديد. يكفى فى هذا السياق أن نشير إلى ذلك الحكم القضائى البات الذى أدان «مبارك» ونجليه بسرقة ميزانية القصور الرئاسية، والله تعالى أعلم بما خفى. طالبت يناير بالتطهير، واسترداد المليارات المنهوبة من دم الشعب المصرى، وعندما تولى الرئيس «السيسى» الحكم، ردد فى أكثر من مناسبة أنه سيخوض معركة ضد الفساد، وأن البلد معدش فيه حاجة تتسرق!. وطيلة الشهور الماضية تداولت وسائل الإعلام العديد من التصريحات التى أدلى بها المستشار هشام جنينة، وذكر فيها أرقاماً ووقائع مرعبة عن الفساد الذى استشرى فى مؤسسات عديدة؛ تحدث عن الصناديق الخاصة، والأراضى المنهوبة، والمؤسسات التى ترفض التفتيش عليها أو مراجعة أساليب تصرفها فى مواردها المالية، وذكر بعضاً من هذه المؤسسات بشكل صريح. وقد تابعنا جميعاً قضية «فساد وزير الزراعة». وجوهر الاتهام فيها تسهيل نهب أراضٍ.
من حقنا أن نتمسك بأن تكون جلسة مناقشة تقرير لجنة الرئاسة أمام مجلس النواب علنية، ومن حقنا أن نعرف الأرقام والأدلة والأسانيد التى ارتكنت إليها اللجنة وهى تتهم «جنينة» بالتضليل وعدم المصداقية، ومن حقنا أن نستمع إلى ردود رئيس «المركزى للمحاسبات»، ونشاهد ما لديه من وثائق أسس عليها ما ذهب إليه من أن الفساد أهدر على مصر 600 مليار جنيه.. نحن فى انتظار الجلسة التاريخية!.