الجمهورية
بسيونى الحلوانى
اتركوا "جنينة" وتضليله.. وواجهوا الفساد
بعيدا عن مبالغات هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وتضليله للرأي العام في مصر بأرقام فساد فلكية تؤكد سوء نيته أو سذاجة تفكيره ينبغي أن تقوم كل أجهزة الدولة الرقابية بجهود أكبر لمواجهة الفساد المالي والإداري الذي نعاني منه علي مختلف المستويات.
لا ينكر أحد أننا من أكثر مجتمعات العالم معاناة من الفساد والفاسدين الذين ينتشرون في كل مكان داخل الجهاز الاداري للدولة حتي الأجهزة الرقابية نفسها تحتاج من وقت لآخر الي ¢فرمطة¢ حتي لا يتسرب إليها أو يخترقها أصحاب النفوس المريضة الذين يتحايلون علي الفساد بأشكال مختلفة وأساليب متعددة.
تقرير لجنة تقصي الحقائق حول تصريحات جنينة والذي يحمل إدانة بالغة له لم ينكر وجود فساد في مصر.. كما أن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لكل المسئولين في الدولة في هذا الشان واضحة وحاسمة وكانت أبرز عباراته للمحافظين الجدد خلال اجتماعه بهم بعد أداء القسم ¢ حاربوا الفساد¢.
لذلك لا ينبغي أن يشغلنا تقرير لجنة تقصي الحقائق حول تصريحات جنينة الفشنك. وتضييع الوقت والجهد في الكشف عن الأهداف الحقيقية لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من وراء مبالغاته وتضليله فمجلس النواب سيقول كلمته في مصير جنينة ومحاسبته كمتهور أو متآمر.
****
وهنا يصبح من الواجب تقديم التحية لجهاز الرقابة الادارية الذي يعمل في صمت في مواجهة الفساد المالي والاداري في كل مؤسسات الدولة ويحقق كل يوم نجاحات ويعيد أموالا وأراضي سنويا للدولة تقدر قيمتها بعشرات المليارات دون أن يصدر عن مسئول فيه تصريح أو رأي يحدث شوشرة علي دولة تلتمس الطرق الصحيحة لمواجهة الفساد وردع الفاسدين.
جهود هيئة الرقابة الادارية ومباحث الأموال العامة وتقديم العديد من كبار وصغار الموظفين للمحاكمة بتهمة الفساد يبعث فينا الأمل في تطهير الدولة بكل أجهزتها وخاصة المحليات من الفاسدين ولصوص المال العام والخاص وإذا كان هشام جنينة قد حاول قتل هذا الأمل في نفوسنا فلا ينبغي أن نترك له أو لغيره الفرصة وأن يحاول كل منا أن يقوم بواجبه في محاربة ما يراه من فساد مالي أو إداري دون أخذ الناس بالشبهات أو اتهامهم دون أدلة وبراهين.
****
أبشع ما تضمنته تصريحات هشام جنينة أنه حاول إيهامنا بأن الدولة غير جادة في محاربة الفساد وأنها تتستر علي الفاسدين وتحميهم. وأن فساد 2015 أكثر من فساد السنوات السابقة وهذا كذب وافتراء فلم نقرأ أو نسمع عن تهاون مع فاسد ولأول مرة في تاريخ مصر يتم القبض علي وزير وحاشيته وتقديمهم للمحاكمة بتهمة الفساد.. كما أن أجهزة الدولة الرقابية تحيل كل يوم موظفين من الكبار والصغار للمحاكمة دون مراعاة لسمعة الأجهزة التي يعملون بها ويكفي هنا ما يحدث مع ضباط وأفراد الشرطة حيث يحاكم بعضهم بتهمة الحصول علي 50 جنيها رشوة وهي القضايا التي لم نكن نسمع عنها من قبل رغم الاتهامات التي كانت تلاحق بعض العاملين الصغار في جهاز الشرطة.
إذن هناك مواجهة حقيقية للفساد وهذه المواجهة لن تحقق التطهير الذي ننشده في يوم وليلة خاصة وأننا شعب تعود علي تقديم رشاوي صريحة ومقنعة لكبار وصغار الموظفين دون مبرر لقناعتنا بأن الأعمال لن تنجز إلا بالأموال أو لطمعنا وجشعنا ورغبتنا في اقتناص حقوق الآخرين.
****
المواجهة الحقيقية للفساد لا تحتاج الي جهود مضاعفة من أجهزة مكافحة الفساد في مصر ولا تتطلب تشريعات وقوانين جديدة حيث نمتلك من التشريعات ما يكفي لمواجهة الفساد في العالم.. لكن هذه المواجهة تحتاج الي تطهير نفوسنا- نحن الجماهير- من الطمع في المال العام والسطو علي حقوق الآخرين والتحايل علي القوانين وهي أمور تحتاج الي تربية إيمانية وأخلاقية مازلنا للأسف نفتقدها في عصر الفهلوة واستحلال الحرام في كل أمور حياتنا.
نصيحة لصباحي
بقيت كلمة أخيرة ل "حمدين صباحي" الذي أعلن عن تضامنه مع "هشام جنينة" ووصفه له ب ¢بصوت الضمير الوطني: لا تعتقد أن قاعدة "خالف تعرف" ستعيدك من جديد الي الأضواء بل ستجلب لك غضب وسخط الجميع بمن فيهم المخدوعون بك من اليائسين والمحبطين.
تضامنك مع جنينة لن يحميه من المساءلة البرلمانية والشعبية والقانونية علي رعونته في إطلاق تصريحات من شأنها تعريض أمن البلاد للخطر.. بل سيجعل تضامنك معه في مأزق إضافي لأنك عنوان للانفلات والتحريض الرخيص.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف