المساء
أحمد عمر
أصل الكلام توزيع الصحف
مفاجآت عجيبة في أرقام توزيع الصحف في مصر قالها لي مطلع الأسبوع الصديق عادل عبدالفتاح المدير العام السابق لشركة التوزيع المتحدة بعد أيام قليلة من احالته للتقاعد لبلوغه سن المعاش.. عادل ومن واقع خبرته الطويلة في إدارة واحدة من ثلاث شركات تستأثر بتوزيع كل الصحف في مصر.. يقول إن مساحة التوزيع اليومي للصحف في السوق المصري من الإسكندرية إلي أسوان تدور حول 500 ألف نسخة يوميا.. نعم جميع الصحف التي يزيد عددها عن 250 صحيفة ما بين يومية ودورية.. كمية تعد ضئيلة جدا مقارنة بسنوات مضت كانت صحيفة واحدة توزع أضعاف هذا العدد يوميا.. المفاجأة أن 4 صحف فقط هي الأهرام والأخبار والجمهورية والمساء تحظي وحدها بنصيب الأسد في تلك المساحة الضيقة وتوزع 350 ألف نسخة يوميا بنسب متقاربة بينما تتقاسم عشرات الصحف الأخري المتبقي من مساحة السوق الذي لا يزيد علي 150 ألف نسخة.. ويضيف صديقنا عادل عبدالفتاح مزيدا من المفاجآت بقوله إن صحفاً تصدر وتنزل السوق لكنها لا تبيع نسخة واحدة.. إنما تطبع لمجرد قبض ثمن الإعلان.. وان صحفا مشهورة تبدو ميدانيا كالفقاعات الهوائية.. تلمع في الفضاء التخيلي ومواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات كأنما تساند بعضها بعضا بينما طبعاتها الورقية لا تجد قارئا يدفع فيها جنيها.
الأرقام صادمة بلا شك وتمثل إزعاجا وإحراجا للكثيرين من زملاء المهنة وغيرهم.. إنما تقتضي التوقف أمامها ومواجهتها بشجاعة واخضاعها للتحليل السياسي والاجتماعي لاستخلاص العبر والمضامين وتحقيق فهم أكثر عمقا لطبيعة القارئ المصري.. بل قل طبيعة المواطن المصري.
صحيح أن الكثيرين انصرفوا عن شراء الصحف الورقية اقتصادا للنفقات أو أنهم وجدوا مصادر أخري لما يرونه يكفيهم من معرفة ومعلومات عبر القنوات الفضائية أو المواقع الالكترونية.. لكن عدم توازن هذا الهبوط يشير إلي وجود أسباب أخري لعل علي رأسها أن ثقة القراء مازالت تميل إلي الصحف القومية علي عكس ما يروج له البعض لصالح إعلام رأس المال وحرب السيطرة علي العقول والإرادات وهي مثل أي حرب ترتبط شرعيتها بأهدافها وسلامة المقاصد أو سوء النوايا.. ويبدو أن الصحف القومية انتصرت أو أن القارئ انتصر لها.. صحف صمدت وقارئ يملك أغوارا عميقة من الثقافة بمعناها الواسع تجعله يستعصي علي الخداع.
ويتوقع خبير التوزيع عادل عبدالفتاح بقاء سوق الصحف علي حاله دون مزيد من الهبوط لسنوات أخري.. وأن تطور الصحافة الالكترونية لن يلغي في المستقبل المنظور الصحف الورقية.. وان كانت المسألة لا تعني للصحفي المحترف سوي تغييرا لوسيلة تقديم عمله.. لكن البعض سيدعو "يسمع منك ربنا ياعادل".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف