المساء
مؤمن الهباء
شهادة- آخر زعيم للأغلبية
الشعوب الحية الواعية. هي التي تتعلم من أخطائها.. ولا تكرر هذه الأخطاء حتي لا تقع في نفس المشاكل التي مرت بها في الماضي.. ويقال إن التعريف الجامع المانع للإنسان هو أنه حيوان له تاريخ مكتوب.. أي له خبرات متراكمة من مئات السنين.. ويستطيع كل إنسان أن يتعلم ويستفيد من خبرات غيره. وتجاربه. بينما لا يتعلم أي حيوان آخر إلا من خبراته وتجاربه الذاتية.. وهذه الخبرات والتجارب تموت بموته.
وبمناسبة انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب الجديد يوم الأحد الماضي. نشرت "الشروق" حواراً مطولاً وشيقاً في نفس اليوم مع السيد محمد رجب. الذي وصفته بأنه آخر زعيم للأغلبية.. فقد ظل زعيماً للأغلبية بمجلس الشوري لفترة طويلة قبل أن يصبح آخر أمين عام للحزب الوطني قبل صدور قرار بحله في 6ا أبريل 2011. عقب ثورة 25 يناير.
ومن واقع خبراته البرلمانية والسياسية أدلي السيد محمد رجب بعدة شهادات. ووجه عدة رسائل إلي من يهمه الأمر.. ولمن يريد أن يأخذ الحكمة والعبرة.. ومن تلك الشهادات والرسائل التي أري ضرورة التوقف عندها ما يلي:
* قلت وحذرت من حدوث ثورة جياع. خاصة بعد أحداث تونس.. وقيل لي وقتها: "ما تكبرش الموضوع".. وقلت لهم: إنه ليس معقولاً أن المعارضة كلها تسقط في الانتخابات.. فرد عليّ أحمد عز وقال لي: يعني ننجحهم بالتزوير.. فابتسمت وقلت له: مصر كلها تقول إنك زورت الانتخابات. ونحن لا نملك ما نرد به!!!
* الانتخابات الحالية لم يشبها أي تزوير ممنهج. والظاهر أنها تمت بدون تزوير في الصندوق.. لكن ما قبل الصندوق هناك كوارث عديدة حدثت.. أولها: شراء الأصوات بأرقام باهظة لم تعرفها مصر في حياتها.. لقد خضت انتخابات عديدة. ولم أر في حياتي هذا الكم من المبالغ التي استخدمت.. فلأول مرة نري حزباً يخصص مليار جنيه للعملية الانتخابية.. وآخر خصص 400 مليون جنيه.. وأنا أعرف بنفسي أن نواب الحزب الوطني السابقين لم يذهبوا لهذه الأحزاب. ولكن الأحزاب هي التي ذهبت إليهم.. ودفعت لهم مبالغ كبيرة. بدأت من 500 ألف ووصلت إلي 3 ملايين جنيه. حتي يقبلوا الترشح باسمها.. هذه الأحزاب لم تُرب كوادر. ولكنها اشترتها مثل الذي ينزل إلي السوق ويشتري ما يشاء بأمواله.. وللأسف هذا الأسلوب لا يبني نظاماً سياسياً سليماً أو برلماناً قوياً.. وإذا سألتني رأيي: هناك أوجه اختلاف بين هذا البرلمان. وبرلمانات الحزب الوطني.. أولها أن أعضاء مجلس النواب الحالي يفتقرون للتنظيم.. وهنا أشير إلي أن مَن شكلوا تحالفاً وقالوا إنهم ممثلون للدولة. يعملون ضد الرئيس.. لأنهم يستخدمون أسلوب الدبة العمياء.. فبدلاً من أن يساندوا الرئيس بالحقيقة. يساندونه بالتزييف.. ويلعبون علي بعضهم البعض.
* أرجو من اللواء سامح سيف اليزل ألا يكون أحمد عز جديداً. وألا يكون مثل زعماء الأغلبية السابقين. لأن المجلس الحالي لا يوجد به أي معارضة للرئيس أو النظام.
* حين أراد مبارك تقديم الدكتور رفعت المحجوب لرئاسة البرلمان لأول مرة قال أحد النواب. ويدعي حسن حافظ لمبارك: إن المحجوب معين. وليس من المناسب أن تختار رئيس المجلس من المعينين.. فرد عليه مبارك ساخراً: "ما انتوا كلوكو معينين".. في إشارة للطريقة التي فازوا بها في الانتخابات.
* أيامنا كنا نذهب إلي الأمن في أوقات. ونطرح نحن عليه الأسماء التي اخترناها. وكان دوره إعطاء البيانات والمعلومات المتاحة لديه عن الشخصيات.. والأطراف السياسية هي من تتخذ القرار النهائي علي مسئوليتها.. وكان هناك تبادل للآراء. ولا يتم ترك العملية السياسية للأمن.. لأن تركها بشكل كامل للأمن. ستكون خسائره كبيرة.. فالأمن يخضع للسياسة. لكن السياسة لا تخضع للأمن.
* بالمناسبة.. الأمن عامل علاقة مع جميع الأحزاب السياسية.. ولكن يجب أن يكون دور الأمن استشارياً فقط. بخصوص معلوماتهم عن الأسماء والشخصيات.. في آخر انتخابات لمجلس الشوري لم ينجح من مرشحي المعارضة سوي اثنين فقط. أحدهما عن الحزب الناصري بدائرة الأزبكية.. ووقتها قام أحد قيادات أمن الدولة بالاتصال بأمين عام الحزب وقال له: "عايزين نديكم هدية.. تقبلوها؟!.. فرد عليه الأمين: طبعاً.. النبي قبل الهدية.. فطلب منه ترشيح اسم من مرشحي الحزب. فكان من نصيب مرشح دائرة الأزبكية. الذي نجح دون أن يعلق لافتة واحدة"!!!
وهكذا كانت تدار الانتخابات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف