فى حوار له مع جريدة الشرق الأوسط السعودية، رد الرئيس عبدالفتاح السيسى على سؤال حول عودة رجال نظام مبارك من الأبواب الخلفية لإدارة الدولة المصرية قائلاً: «إن الشعب المصرى يتمتع بوعى غير مسبوق ولن يسمح بالعودة للخلف، وأنا معهم»، وأكد أن «الشعب المصرى دفع فواتير التغيير فى نظام مبارك ولن يسمح بعودته مرة أخرى ولا أنا». أصدّق الرئيس وأثق فى كلامه عندما يقول إنه يرفض عودة رجال نظام مبارك، لأنهم يخصمون بالبداهة من شعبيته، فضدّ هؤلاء وكبيرهم «المخلوع» قامت ثورة يناير، وليس من العقل ولا من الحكمة أن يستعين الرئيس الجديد برجال نظام ثار الشعب ضده، لكن الواقع يشهد أن رجال نظام مبارك ما زالوا يعملون فى كل المواقع، ويواصلون إدارة هذا البلد، والسيطرة على مراكز صناعة القرار فيه. ويبدو أن مسألة وجود أو اختفاء رجال الحزب المنحل لا ترتبط برغبة الرئيس أو عدم رغبته، بل تتعلق بالأساس بموازين قوة ما زالت تميل كفتها لصالح نظام مبارك، وكأن مبارك لم يزل يحكم! المسألة لا ترتبط بالرغبة قدر ما ترتبط بالقدرة.
حكومة المهندس إبراهيم محلب «حزب وطنى» فى أغلبها، وذلك من ساسها (العديد من وزرائها) إلى راسها (محلب نفسه). إذا كنا بصدد الحديث عن إدارة الدولة المصرية، يمكننا القول بأن رجال مبارك وجمال مبارك ولجنة سياسات الحزب الوطنى ما زالت تضطلع بمهمة تسيير دولاب الحياة فى مصر، ربما لم يجد الرئيس من هو أكفأ أو أصلح منهم للقيام بهذه المهمة. هذا مبرر يمكن للعقل قبوله، أما أن يقال إنه لا عودة لرجال نظام مبارك، فذلك قول ينفيه الواقع كل النفى. ويتساند مع دولاب الإدارة دولاب التشريع، ولعلك لاحظت أن أعضاء الحزب المنحل ونوابه السابقين تصدروا شبابيك الترشح للانتخابات البرلمانية عندما تم فتحها منذ بضعة أسابيع، وكان من ضمن هؤلاء كبير مهندسى انتخابات الحزب الوطنى فى 2010 المهندس أحمد عز، نعم رفضت اللجنة العليا للانتخابات قبول أوراقه، لكنه ما زال يكابر، ولولا الملامة لتُرك الرجل وشأنه يعيد الكرة من جديد، لكن المسألة كانت «واسعة حبتين»، فوقع ما وقع. ورغم ذلك فقد فتحت برامج الفضائيات أبوابها لـ«عز» وتركت له المساحة كاملة ليتحدث بما يريد، ويدافع عن نفسه كيفما شاء، ولم يجرؤ أحد على مواجهته بأية تهمة تتعلق بالاحتكار أو الفساد المالى، بعد أن برّأه القضاء. ولا يفوتنا فى هذا المقام أن نشير إلى رجال الأعمال من كبار كوادر الحزب المنحل الذين يقومون بدور مهم فى سياق «الورنشة الإعلامية» للمرضىّ عنهم، والاغتيال المعنوى للمغضوب عليهم.
أصدّق الرئيس فى أن رجال نظام مبارك لن يعودوا، لأنهم ببساطة لم يرحلوا! كيف نصدّق أن دواليب الدولة أصبحت نظيفة من رجال نظام مبارك فى الوقت الذى يشخصون فيه بأبصارهم إلى هذا الشعب فى شتى المجالات. ضروس الحزب المنحل توارت عن المشهد بعض الشىء، لكن الأنياب ما زالت تعمل فى جميع الاتجاهات.. ونقول بعد كده مش حيرجعوا؟! وهمه مشيوا عشان يرجعوا؟!