الوفد
علاء عريبى
رؤى -حبل وجردل وبرسيم وطبيب
منظومة الصحة فى مصر مجرد سلعة مثل الخضار والفاكهة والأسماك والبقوليات واللحوم وغيرها من السلع، فيها الاحتكار، وفيها الغش، وفيها الفحش، وفيها النزيه والإنسان، تحتاج لقبضة الحكومة، تنتظر خطة ضبط لأسعارها ولتحسين جودتها، تماما مثل خطة الحكومة التى ينفذها وزير التموين خالد حنفى، قبل أن نتعرض لملامح هذه الخطة، أحكى لكم أحد المواقف كشاهد على مقدمى السلعة.
الأسبوع الماضي شعر والد أحد الأصدقاء بآلام فى الصدر، نقل مساء إلى مستشفى كليوباترا فى مصر الجديدة، دخل غرفة العناية المركزة، وتم فحصه وإسعافه بأدوية مذيبه للجلطات (بلافيكس 220 أو 240 جنيها ــ 28 قرصاً)، وأسبوسيد مضغ(أسبرين الأطفال سعره 6 جنيهات على ما أذكر)، والد الصديق مصاب بالسكرى وارتفاع ضغط الدم، التشخيص الظاهرى: شبه ذبحة صدرية، وأكد الدكتور أن حالته مستقرة وغير خطرة، ويحتاج عمل قسطرة لتركيب دعامة أو أكثر لتوسيع الشريان التاجى، رشحوا للزميل أحد الأساتذة بطب عين شمس، قيل: إنه من الأساتذة الكبار فى التخصص، وعد بأنه سيصل صباحا إلى المستشفى لفحص المريض وعمل اللازم، فى العاشرة مساء من اليوم التالى(بعد 24 ساعة) حضر المستشفى، وفحص تقرير المريض، وترك ورقة صغيرة لأسرة المريض (الذين لم يطلب مقابلتهم)، كتب فيها: قسطرة+ دعامة = 35 ألف جنيه، ساعتها كنت مع الصديق نجلس بجوار غرفة العناية بانتظار معالى الطبيب، تركنى ليطمئن على والده، ويسأل عن الطبيب الذى ينتظره منذ الصباح الباكر، سلموه الورقة، عرضها على، قرأت السطر المكتوب بخط الطبيب، قلت له: هذا تاجر ولا يشرفنا، حتى لو كان أفضل أستاذ فى التخصص، أن يركب الدعامة لوالدك، وضحكت وقلت له:
ــ الورقة دى بتفكرنى بفيلم أبوحلموس.
ــ مين؟
ــ نجيب الريحانى لما كان بيشتغل فى وقف خيرى، وكان ناظر الوقف عباس فارس.
ــ مش فاكر.
ــ يا أخى لما الريحانى أعاد ترتيب الحسابات: حبل+ جردل + برسيم + طبيب للخروف.
ــ آه، بتاع: كشط الحائط + تقطيب الخروم + سنفرة + وش أول + وش تانى
اقترحت على الصديق البحث عن طبيب آخر، لأن تركيب دعامة بمبلغ 35 ألف جنيه كثير جدا، استجاب الزميل للاقتراح وبدأ الاتصال، وبعد عشر دقائق انتهى البحث إلى طبيب آخر، وطلب نقله إلى مستشفى الزهور.
ــ هياخد كام.
ــ 27 ألفاً بالمستشفى.
ــ هو أبو 35 ألف كان بدون المستشفى.
ــ آه.
ــ ليه .. قلب مفتوح.
في اليوم التالي طلب الزميل فاتورة المستشفى لكى ينقل والده، تخيلوا الرقم المكتوب؟، عشرة آلاف جنيه فى مبيت ليلتين بالعناية، يعنى الليلة بخمسة آلاف جنيه، يا بلاش، سددها الصديق ورحل إلى مستشفى النزهة، ركب والده الدعامة بعد العصر، وفى الصباح سدد الزميل 30 ألف جنيه للمستشفى والطبيب ورحل.
سبق وسألت الصديق لماذا لم ينقل والده من البداية إلى معهد القلب، أخبرنى أنه ذهب بالفعل، واكتشف أن طابور الانتظار من إمبابة حتى أسوان، والمرضى نايمة على الرصيف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف