عبر الكثير من المصريين عن اصابتهم بالمفاجأة وخيبة الامل من اداء مجلس النواب الجديد. والذي ظهر عشوائيا في اولي جلساته. والحقيقة انني لم اتفاجئ. وكل ما شاهدته. وسوف اشاهده امر متوقع. فمن تابع العملية الانتخابية. ونواب جاء اغلبهم بالرشاوي وشراء الاصوات. واستخدام غير قانوني لسلاح المال والاعلام. ومن شاهد المعارك الجانبية للنواب وتصريحاتهم ومعاركهم الوهمية منذ فوزهم وحتي انعقاد الجلسة الاولي. كان متوقعا ما حدث. بل ان الايام القادمة سوف تشهد الاكثر. خصوصا اننا امام برلمان مقصود ان يأتي ضعيفاً ومشوهاً وعلي رأس اغلب نوابه عشرات البطحات حتي يسهل السيطرة علية وادارته وجعله برلماناً منزوع الدسم. برلماناً لا يملك من امره شيئاً سوي ان يقول ¢موافقون موافقة¢ وغير مسموح له بالخروج عن النص والا سيكون مصيره الحل.
السؤال الذي كان اكثر الحاحا علي جميع العقول المفكرة خلال الفترة الماضية. هل تترك الدولة العملية الانتخابية والا تتدخل فيها. ليأتي برلمان يعبر عن طموحات الشعب المصري بعد ثورتين. وتطلعاته في بناء دولة ديمقراطية حديثة يحكمها الدستور والقانون. برلمان يري انه شريك حقيقي في السلطة بحكم الدستور. وليس تابعا للدولة والحكومة. ام ان تلك احلام يقظة. وان الدستور مجرد حبر علي ورق. ولابد ان يدار البرلمان بالريموت كنترول.
والحقيقة ان ازمات البرلمان الجديد. لم تتوقف عند هذا الحد. لكنها وضحت بقوة عند انتخاب الوكيلين. والتي فشل فيها ائتلاف ¢دعم مصر¢. وظهر انه لا يملك الاغلبية الصلبة خاصة بعد إسقاط مرشحه الثاني علاء عبدالمنعم لصالح مرشح الوفد سليمان وهدان. والذي اصبح وكيلا للبرلمان بالصدمة مستفيدا من صراعات ائتلاف الاغلبية وانقسامه علي نفسه. وهو ما يجعلنا امام برلمان هش وضعيف ومفكك. ويعمل كجزر منعزلة. وستكون مختلف قراراته غير مرتبة. مما سيؤدي مشاهدت فقرات من السيرك السياسي. وهو ما اصاب عدداً من دوائر صنع القرار بقلق كبير. كما تسبب ما حدث في الجلسات الاولي في ¢خضه كبيرة¢ للقائمين علي ائتلاف الاغلبية. فقرروا العمل في الظلام بعيدا عن اضواء الاعلام وعيون الشعب. فقرروا وقف البث المباشر للجلسات بالمخالفة للدستور وباجراءات كل من شاهدها وصفها بالخاطئة. وهو ما يعد انتقاصاً من التجربة الديمقراطية. وهو الامر الذي يلقي رفضا شعبيا واسعا. ورفضا برلمانيا محدودا. والواقع ان الشعب لن يثق في نواب يحرمونه من مشاهدة ما يفعلون. وعلي النواب ان يدركوا ان البث في صالحهم اذا لم يكن لديهم مايريدون اخفائه. لانه سيجعل الحكم عليهم موضوعيا ومنصفا. وهو ما يريده كل نائب يثق في قدراته ويدرك انه جاد ووطني ومخلص لبلده. ولديه ما يقدمه لخدمة الوطن.
وبعيدا عن المعارك الجانبية التي تنم عن ضيق افق اصحابها. وبعيدا عن استعراض العضلات الذي يمارسه البعض لاثبات انهم موجودون. وبعيدا عن محاولات البعض احراج رئيس المجلس واظهار انه ضعيف وانهم كانوا احق منه برئاسة البرلمان. وبعيداً عن صراع وهمي بين مختلف مكونات البرلمان الذي جاء في غياب الرضا الشعبي. فلم يتصوت علي نوابه الا 25% من المصريين. ورفضه 75% وامتنعوا عن النزول اختيار نوابه. يبقي السؤال هل يمكن ان يستمر برلمان بلا رضا شعبي. وبدون ظهير سياسي. هل يحتاج المصريون بعد ثورتين لبرلمان ¢موافقون موافقة¢. هل يدرك هؤلاء خطورة المرحلة الراهنة التي يعاني منها الوطن. واننا نحتاج الي شراكة حقيقية بين الدولة والبرلمان. وليس تبعية بلا عقل او صدام بلا رؤية.