د. أحمد جاد منصور
"من هنا يبدأ إصلاح التعليم"
لاشك ان المنظومة التعليمية في مصر تعاني الكثير من المشكلات المزمنة والتي أدت إلي تراجع التعليم في كل مراحله وأصبحنا للأسف الشديد نحتل مركزا متأخرا للغاية مقارنة بالكثير من الدول التي سبقتنا في هذا المجال.
وسوف اقتصر في هذا المقال بإلقاء الضوء علي أهم مشاكل مرحلة التعليم الابتدائي والأساسي في محاورها الخاصة بالمناهج والمدارس والمدرسين والطلبة مع عرض بعض المقترحات التي قد تسهم في حل الكثير من تلك المشكلات.
وفيما يتعلق بالمناهج الدراسية فانه من الضروري إجراء مراجعة شاملة لكل المناهج وتطويرها وتخفيفها علي الطلبة والتخلص من أساليب الحفظ والتلقين والاتجاه إلي الإبداع والابتكار وفقا للأساليب الحديثة.. كما يتطلب الأمر ضرورة حذف كل المفاهيم المغلوطة التي تؤثر علي درجة الوطنية والانتماء كما تؤثر بالسلب علي تطبيق مبدأ المواطنة.
ويتطلب الأمر إعادة تدريس مادة التربية الوطنية وجعلها مادة إلزامية يتعين النجاح فيها.. وتتضمن كل معاني الوطنية وحب الوطن وتضحيات القوات المسلحة وجهاز الشرطة عبر التاريخ.. ومن الأهمية كذلك جعل مادة التربية الدينية مادة إلزامية أي مادة نجاح ورسوب وعندما أقول مادة التربية الدينية أعني أن تكون كتابا واحدا تشمل الشريعة الإسلامية والديانة المسيحية لأنهما متفقان في المبادئ العامة لأن مصدرهما واحد هو الله عز وجل.. حتي يخرج شبابنا وهم متآخون ومتحابون وعلي يقين أن الدين لله والوطن للجميع.
وفيما يتعلق بالمدارس فإن الأمر يتطلب سرعة صيانة وتطوير القائم منها مع عدم انشاء أي مدارس جديدة إلا بمواصفات محددة من حيث السعة وملاءمة المكان وأن يكون بها مجال واسع لكل الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية لأن الدور الأساسي للمدرسة يكون تنشئة شبابنا بنفس درجة أهمية تعليمهم ولذا نقترح بضرورة وضع نمط ثابت للمدارس يتعين الالتزام به لدي انشاء أي مدرسة جديدة.. علي أن يراعي تماما أن يتم تجهيز المدارس بكل وسائل التكنولوجيا الحديثة والمواكبة لمثيلاتها في الخارج.. لأن التعليم إذا لم يكن منافسا للتعليم في أكثر الدول تقدما فانه لا طائل من ورائه ويكون مضيعة للجهد والوقت وإهدارا لأموال الدولة.
وفيما يتعلق بالمدرسين فإن الأمر يتطلب سرعة إصلاح الكادر المالي الخاص بهم بما يكفل إعادتهم إلي المدارس مرة أخري يزاولون مهنتهم السامية علي أحسن وجه وبما يقضي علي الدروس الخصوصية.. وعلي الجانب الآخر فإننا نري انه من المهم جدا ضرورة حصول المدرس علي دبلوم تربوي بالاضافة إلي تخصصه العلمي يدرس فيه العلوم الانسانية والاجتماعية ومن أهمها علم النفس وعلم الاجتماع حتي يكون أكثر قدرة وفاعلية علي التعامل مع التلاميذ وأكثر فهما لسلوكياتهم ودوافعها.
لاشك ان كل هذه المقترحات والطموحات سوف تجعل المدارس جاذبة لأبنائنا وليست طاردة لهم.. لأن وجود كل المشكلات التي أشرنا إليها هي السبب الرئيسي في مشكلة التسرب من التعليم التي أدت إلي تفشي نسبة الأمية في المجتمع.
إن إصلاح المنظومة التعليمية في مرحلة التعليم الأساسي وفي كل مراحل التعليم ليس مستحيلا ولكنه أمر صعب للغاية يحتاج منظومة إصلاح متكاملة ونجاحها هو مسئولية الجميع دون استثناء.