علاء عريبى
رؤى- الاختفاء قسرى أم جنائي؟
أظن أن مشكلة الاختفاء القسرى تنطوي على ملابسات غير مفهومة بالمرة، وتحتاج إلى توضيح بشكل مفصل، سواء من قبل المجلس القومى لحقوق الإنسان أو من قبل وزارة الداخلية، يجب ان نفهم: من الذى اختفى؟، عددهم؟، أعمارهم؟، وظيفتهم؟، محل سكنهم؟، انتماءاتهم السياسية؟، فترة الاختفاء؟، وسبب الاختفاء؟، هل اختفوا فى وزارة الداخلية أم اختفوا لاعتبارات اجتماعية أم لجرائم جنائية؟
قبل شهور أثيرت مشكلة اختفاء بعض الشباب، ووجهت بعض المنظمات اتهامات مباشرة لوزارة الداخلية، وتحديدا قطاع أمن الدولة، وأكدوا أن الشرطة عادت إلى سيرتها الأولى، وأن بعض قيادات الداخلية لم يتعظوا من ثورة يناير 2011، وأن هناك من يحاول إعادة القبضة الحديدية للداخلية مرة أخرى على حساب كرامة وحرية وحقوق المواطن، وذكرت الصحف عن المنظمات الحقوقية اختفاء ما يقرب من 163 فى سنة 2015، وأكدت بعض الصحف تزايد نسبه الاختفاء بعد أحداث 3 يوليو 2013، فى «حسب جريدة الوطن» شهر يناير 2013، رصدت منظمات حقوقية 41 حالة اختفاء قسرى، بينما رصدت فى فبراير 2015، 62 حالة، وفى مارس 60 حالة، وأبريل 114 حالة، ومايو 216 حالة وفى يونية 82 حالة.
وقد ذكر «القومى لحقوق الإنسان»، التابع للحكومة المصرية فى تقريره منذ عام، إن عدد حالات الاختفاء بلغت 163 حالة، بينها 66 اختفاء قسرياً، وفقاً للمعايير الدولية، و64 حالة احتجاز دون وجه حق، و31 حالة لم يتمكن من متابعتها، لافتاً إلى أن محافظة القاهرة جاءت فى المرتبة الأولى من حيث المختفين، بواقع 60 حالة، ثم كفر الشيخ 31 حالة، والجيزة 16 حالة.
منذ أيام نشرت الصحف خبرا عن لقاء بين محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وبين وزير الداخلية، للحديث عن حالات الاختفاء القسرى، وقيل أن عددهم بلغ 191 حالة.
بالأمس فقط استمعت مداخلة للواء أبوبكر عبدالكريم مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام والعلاقات العامة، مع برنامج صباح «أون تى فى» حول مشكلة الاختفاء القسرى، وللأسف لم أفهم منه شيئا سوى أن المواطنين الذين أبلغ المجلس القومي لحقوق الإنسان باختفائهم، معظمهم في وزارة الداخلية، وأن الوزارة أبلغت المجلس بموقف 118 حالة، 99 مواطنا على ذمة قضايا، و3 مواطنين هربوا للخارج، واحد المواطنين توفى فى مشاجرة، وقيل إن بعض الحالات اختفاء اجتماعي.
تصريح أبوبكر هذا يحتاج إلى توضيح وتفسير، ما معنى اختفاء بعض الأشخاص على ذمة قضايا جنائيا، الفرق واضح بين الغياب الجنائى والاختفاء الأمنى، المتعارف عليه أن الجنائى تتابعه أسرته بمحام فى الأقسام والنيابات، وإن صح ذلك المفترض مساءلة حقوق الإنسان لإخفائه حقيقة غياب هؤلاء الأشخاص، أو لتقصيره فى جمع المعلومات عنها، فتصريح عبدالكريم يعنى تقصير وإدعاء حقوق الإنسان أو أن الداخلية سبق وأخفتهم قسريا ثم إحالتهم على ذمة قضايا عندما فتح الملف وأهتم به رئيس الجمهورية.
وبالنسبة لحديث اللواء عبدالكريم عن الحالة المتوفاة، قال إن شقيقته اتهمت الداخلية بخطفه من أمام منزله، وذكر ان التحريات أوضحت أنه كان يعمل بشركة مقاولات وتوفى برصاصة فى مشاجرة، ونقل للمستشفى وحرر محضرا بالواقعة، كلام أبو بكر هنا يحتاج لتفسير، إذا كان الشاب قد توفى فى مشاجرة ونقل للمستشفى من المؤكد أن المستشفى أو قسم الشرطة قد أبلغ أسرته لكى يشيعوا جثمانه، وبالتالى لا تؤكد شقيقته خطفه من أمام منزله، رواية عبدالكريم هذه قد تتقوض تماما وتفقد قوتها إذا كان الشاب ينتمى لجماعة الإخوان.
أرجع وأقول وزارة الداخلية وحقوق الإنسان التابع للحكومة مطالبان بنشر أسماء الحالات وسيرتهم وإيديولوجيتهم لكى نتعرف بشفافية على حقيقة ما سمى بالاختفاء القسرى: هل هو اختفاء جنائي واجتماعي أم أمنى؟.