صدمة هى كانت الجلسة الإجرائية الأولى للبرلمان التى نقلتها الفضائيات على الهواء مباشرة يوم السبت الماضى ،
وشعرت بفارق كبير وحزين فى كيفية ادارة البرلمان فى العهود السابقة وذلك اليوم الذى حرص فيه الاعلام الدولى والعربى والمحلى على متابعة فعالياته عن كثب بعد ضجيج اعلامى محلى قبلها بساعات عن نزاهة العملية الانتخابية بحسب وصف القاضى عمر مروان المتحدث الرسمى للجنة العليا للانتخابات فى قراءة تحليلية لنتائج الانتخابات التشريعية لعام 2015 عرضها فى مؤتمر صحفى عالمى بهيئة الاستعلامات بل و من انزه خمسة انتخابات اجريت فى مصر بحسب تقرير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجريدة الاهرام ،بغض النظر عن بعض السلبيات الفردية غير المؤثرة على العملية الانتخابية ، وانها احدثت حراكا مجتمعيا وتغييرا فى بعض المفاهيم السلبية.
وفيما يخص المرأة شهدت الانتخابات لاول مرة ترشح 275 امرأة على النظام الفردى فاز منهن 19 سيدة ، و56 على نظام القائمة بإجمالى 75، بالإضافة إلى 14 سيدة تم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية. وفيما يتعلق بمؤهلات النواب يضم 80% من المؤهلات العليا منهم 30 نائبا حاصلين على دكتوراة و 10 نواب حاصلين على الماجيستير و 415 نائبا حاصلين على مؤهل عالى، و82 حاصلين على مؤهل متوسط، ، 31 حاصلين على تعليم أساسى ، هذا الى جانب الشباب والمسيحين وذوى القدرات الخاصة الذين فازوا فى المنافسات الفردية بأعداد قياسية غير مسبوقة وان متوسط عمر النواب بلغ 50 عاما وهذه سن تجمع بين الخبرة والحكمة والقدرة على العطاء، ونسبة الأعضاء الحزبيين 43% يمثلهم 19 حزبا وهو أكبر رقم يمثل الأحزاب فى الحياة السياسية على مستوى البرلمانات السابقة مما يعد اثراء لتجربة الاحزاب
ولكن واسفاه لقد خيبت الجلسة الاجرائية الاولى للبرلمان أمالنا التى عقدناها عليها بعد ان اسفرت الانتخابات النتائج القيمة السابقة والتى ذهبت سدى بعد ان شاهدنا على الهواءمباشرة وشهد معنا العالم كله وهو ما أكدته مانشيتات الصحف فى اليوم التالى بداية صاخبة لمجلس النواب" (الأهرام)، و"بداية كوميدية لمجلس النواب" (المصري اليوم)، و"برلمان شو" (الشروق) وما دفعهم لهذا هو السلوكيات المشينة لبعض نواب الشعب الذين ظهروا مشاغبين - رغم حكمة السن الذى يتمتعون به والمستوى التعليمى - ورغبتهم الشديدة في الظهور الإعلامي، ومحاولة عددٍ منهم طلب الحديث بشكل متكرر من رئاسة الجلسة و التلويح لمشاهديهم من خلال القنوات التلفزيونية التي تبث على الهواء مباشرة ، و ترديد بعض "المفردات" غير اللائقة اجتماعيًّا التي صدرت عن عددٍ منهم، ونقلتها وسائلُ الإعلام المرئي والمسموع ، فأحسست أننى امام مسرحية "مدرسة المشاغبين " وتكرر فيها من جديد دور بهجت الاباصيرى ومرسى الزناتى ، مما يكشف بجلاء عن ماهية النخبة البرلمانية الجديدة، وأنماط سلوكها، وحدود إدراكها طبيعة أداء النائب البرلماني؛ ويكون الخوف الخوف من انها قد تشكل عنصرًا ضاغطًا على إدارة جلسات المجلس
ولا انكر ان الجلسة الإجرائية الأولى بالصورة التى عرضت بها قد شكلت لدينا جميعا قدرًا كبيرًا من ملامح الصورة الذهنية عن أداء البرلمان مستقبلا، وما نبهنى لذلك هو فكر بعض النواب اثناء اداء القسم تجاه ثورة 25 يناير والتغيير السياسي، وهو ما تجلى بوضوح في أزمة أداء القسم للنائب مرتضى منصور عندما رفض ترديد نص القسم، خاصةً في فقرة "واحترام الدستور"، واستبدالها بـ"مواد الدستور"، ثم اشتباكه لفظيًّا بالنائب خالد يوسف
- أما عن اختيار رئيس المجلس والوكيلين فحدث ولا حرج وهنا استشهد ببعض كلمات الدراسة التى قام بها خبراء برنامج الدراسات المصرية بالمركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة بأن عملية اختيار رئيس المجلس الجديد تعد أول اختبار فعلي على أرض الواقع لكفاءة بناء الائتلافات داخل المجلس خاصة لـ (ائتلاف دعم الدولة المصرية) الذي يتشكل قوامه من الفائزين على قائمة (في حب مصر) في الدوائر الأربع المخصصة للقوائم، فضلا عن مرشحي الأحزاب التي قررت الانضمام للائتلاف، وهي أحزاب: مستقبل وطن، وحماة الوطن، والشعب الجمهوري. يضم الائتلاف -وفق بعض التقديرات- قرابة 368 نائب، ما انعكس في ال 401 صوت الذي حصل عليهم الدكتور "علي عبد العال" ، وهو ما يؤثر على تشكل أغلبية مريحة لتمرير مشروعات القوانين، وإن كانت القضايا التي سوف تثار مستقبلا ذات طابع مختلف- طبقا للدراسة - وربما لن يكون من الممكن تحقيق نفس القدر من التوافق حولها. لكن وجود نواة هذه الكتلة متماسكة سيُعزز من الاستقرار البرلماني. كما يكشف للاسف ايضا عن ضعف الاحزاب السياسية التى لم تستطع ان تدفع ولو بمرشح واحد لرئاسة المجلس فالمرشحين السبعة كانوا من المستقلين، وهو ما يعني هيمنة "ائتلاف دعم مصر" على التفاعلات الرئيسية داخل البرلمان ،وعزوف الشباب عن المشاركة فى رئاسة المجلس مما يعيد للاذهان صورة ضرورة أن يكون رئيس المجلس من الشيوخ ، رغم ان متوسط الاعمار 50 عاما ، منهم 57 نائبًا تحت سن 35 عامًا - باستثناء المرشح خالد أبو طالب (32 عامًا) الذي لم يحصل إلا على ثلاثة أصوات.
واين المرأة ، اين النائبات عن الشعب ؟ الم تكن تلك فرصة ذهبية لهن للترشح على رئاسة المجلس بعد تحقيق هذه المكاسب العظيمة ؟ الم تجرؤء واحدة منهن على الترشح ولو حتى شكلا حفظ لماء الوجه ؟ تساؤلات عديدة ودلالات متنوعة وتصرفات غير مسئولة افرزتها الجلسة الاجرائية الاولى التى دفعت برئيسها المنتخب لوقف البث المباشر لفعاليات الجلسات، وهو ما أثار جدلا حول مدى توافق ذلك مع ما جاء في المادة 120 من الدستور بأن تكون جلسات المجلس علنية. ربما يكون القرار سلبى وغير قانونى فى حرمان الشعب من الاطلاع على ما يدور بالجلسات ويتمكن من محاكمة من اختارهم لينوبوا عنه حال تجاوزهم وربما يكون ايجابى اذا كانت الصورة الحقيقية للنواب هى ما تم عرضه فى الجلسة الاجرائية ووقتها نقول كفاية فضايح بقى !