عباس الطرابيلى
هموم مصرية -لعبة الذهب.. والبترول
وهي أشبه بلعبة القط والفأر، وبلغة الأطفال: توم وجيري.. وهما مثلا زمان حتي وإن استفاد أحدهما من خسارة الآخر.. وكلاهما من المعادن النفيسة، الذهب هو الأصفر الرنان الذي أصاب العقول بالهوس، منذ قديم الزمان والثاني هو الذهب الأسود، لأن البترول الخام لونه ـ في الأعم الأغلب ـ مائل للسواد.. وياسعده ان خرج أحدهما من أرض شعب.. هنا يتحول الشعب إلي جبروت فهو يملك أغلي ما في الوجود.. من معادن..
والعلاقة بين الذهب الأسود.. والذهب الأصفر، علاقة عكسية..اذا ارتفع سعر الذهب الأسود.. انخفض سعر الأصفر.. ودائماً ما يستفيد الذهب الأصفر من انهيار أسعار الذهب الأسود..
<< ها هو الذهب الأسود «البترول» بعد أن اقترب سعر البرميل منه منذ أقل من عامين من 120 دولاراً.. ها هو ينهار الي ما تحت رقم الثلاثين دولاراً، في بورصة وول استريت.. وهذا يحدث لأول مرة منذ 12 عاماً والأسباب عديدة، في مقدمتها انخفاض الطلب الصيني علي البترول بسبب الانكماش الذي يعاني منه الاقتصاد الصيني الآن.. لأن هذا الاقتصاد أصبح مؤشراً أساسياً لقياس تقدم الانتاج العالمي.. وحجم التجارة العالمي.
وثاني الأسباب توقعات زيادة الانتاج الايراني من البترول، بعد انتهاء الحصار الأمريكي ـ الأوروبي علي ايران. وانتاج ايران هو ثاني أكبر انتاج بترولي في الشرق الأوسط ـ بعد الانتاج السعودي ـ وقبل الانتاج العراقي وكذلك الكويتي والاماراتي.. وبالطبع من المتوقع أن ترفع ايران انتاجها لتعوض ما خسرته طوال سنوات الحصار رغم قرب الافراج عن الأرصدة الايرانية المجمدة في بنوك العالم..
<< ومن المؤكد أن الدول المصدرة للبترول ستلجأ إلي زيادة صادراتها من البترول، لتعوض ما تخسره من انخفاض أسعاره الآن.. مما يعني زيادة المعروض منه علي الطلب العالمي عليه.. وبالتالي يتعمق الانخفاض!!
وهنا نضع في الاعتبار أن الأوبيك وحدها لم تعد المتحكمة في انتاج وأسعار البترول، لأن هناك دولارـ عملاقة انتاجيا الآن ـ خارج منظمة الأوبيك في مقدمتها المكسيك وبريطانيا والنرويج.. رغم مشاكل البترول العراقي والبترول الليبي.. وكذلك السوري واليمني!!
فضلاً عن انتهاء موسم التعاقدات الشتوي منذ شهور.. ونراعي هنا انخفاض الاستهلاك العالمي، في شهور الصيف.. ولجوء المستهلكين الكبار إلي سياسة التخزين، تحسباً لأي مشاكل!!
<< هنا انتعش سعر الذهب عالمياً.. اذ أخذ يرتفع بسبب الانخفاض الواقع الآن في أسواق وبورصات العالم.. فلم يعد أمام المستثمرين، صغاراً وكباراً إلا اللجوء إلي الذهب.. للاستثمار فيه، وتحقيق المكاسب. وبالذات هبوط أسواق الأسهم الأوروبية والآسيوية إلي أدني مستوياتها منذ ما يقرب من 4 سنوات. ونلاحظ هنا انعكاس ذلك علي بورصات الخليج.. وكذلك علي البورصة المصرية.. التي خسرت في أقل من أسبوع أكثر من 77 مليار جنيه!!. ومن المتوقع استمرار انخفاض الأسعار في بورصات العالم مع صدور بيانات صينية مخيبة للآمال في عدم قرب انتعاش الاقتصاد الصيني.
<< وأتذكر هنا نصائح الاقتصادي المصري القدير، الذي رحل عن عالمنا في عام 2015، الدكتور حسن عباس زكي الذي كان وزير خزانة ومالية جمال عبدالناصر لسنوات طويلة، ثم عمل مستشاراً اقتصاديا للشيخ زايد بن سلطان حكيم العرب ورئيس دولة الامارات لسنوات طويلة.
أتذكر نصيحته لنا ـ ونحن نعمل هناك ـ باستثمار مدخراتنا في المعادن النفيسة وفي مقدمتها الذهب والماس.. وأيضاً الفضة.. بل انه نصح أيضاً بالاستثمار في السجاد العجمي الايراني القديم، وبالذات بعد اشتعال ثورة الخوميني، ونجاح آيات الله في القفز إلي السلطة في طهران عام 1979.. وقيام أثرياء ايران بالهروب من هناك وهم يهبطون في موانيء دبي ومطارها محملين بكميات كبيرة من هذا السجاد العجمي غالي الثمن.. وكانوا يعرضونه بأبخس الأثمان لمن يشتري.. بل وقد انتعشت تجارة هذا السجاد في باريس وفيينا وروما.
<< وقد انعكست أسعار الذهب ـ بعد زيادتها عالمياً ـ علي أسعاره في مصر.. والذكي هو من يشتري سبائك الذهب.. وليس من يشتري المشغولات، التي تفقد نسبة كبيرة من ثمنها بسبب المصنعية. وكانت من أشهر التجارات هناك تجارة «تولات الذهب» وكانت تباع بالأوقية.. «الأونصة».. وهي مدموغة بالعيار الي تستخدمه سويسرا، وهي أكبر سوق للذهب في العالم.