مازال الحديث عن التعليق علي المباريات.. وعلي هذا الجيل الثالث من المعلقين الذين يتمتع الناس في البيوت بتعليقهم.. وهذا الوصف التفصيلي الشيق الذي يشد الناس كل الناس الذين حرموا من المشاهدة العينية.
بمناسبة المشاهدة كان زمان في أواخر الخمسينيات وطوال الستينيات كانت المشاهدة الممتعة والحماس للأندية أكثر من الفريق القومي.. والمدرجات علي الآخر والوقوف كثير.. في نفس الوقت كانت حفلات أم كلثوم أكثر زحاماً.. قيل يومها إن الذي يشاهد مباراة ولو مرة واحدة أو يحضر حفلة واحدة لأم كلثوم تدخل "الافيونة" مباشرة في دمه.. ولن يرضي بالمشاهدة إلا في الملعب أو في مسرح الأزبكية.. وهذه حقيقة.. وهناك أمثلة قديمة مشهورة جداً.. أذكر منها الآن الكاتب والصحفي والسياسي والقصصي الكبير الذي كتب في جريدة "المصري" خطاباً مفتوحاً لترومان رئيس أمريكا عام 1950 بمناسبة البؤس والفخر الذي يعيش فيه الفلسطينيون في غزة وهم أصحاب الأرض فرد عليه ترومان شخصياً بعد 48 ساعة.. هذا العملاق صاحب قصة "الأرض" عبدالرحمن الشرقاوي الذي شاهد بالصدفة مباراة للزمالك فأصبح مجنون زمالك يسافر خلفه.. كذلك محمود السعدني له قصة أخري.
***
- لماذا أكتب هذا الكلام اليوم؟!
- لأن خطابات وتساؤلات من الجمهور.. كيف كان التعليق علي المباريات من ميكرفونات الإذاعة.. كيف يتابع الجمهور سير المباراة من مجرد الخيال!! بدون تليفزيون.
ولعل لأول مرة يعلم جمهور الكرة كيف يتم الوصف قبل دخول التليفزيون في مصر.
كنا نحضر فرخ ورق أبيض ونرسم عليه مستطيل الملعب ونقسم المستطيل إلي قسمين ثم نقسم كل قسم إلي أربعة أقسام نكتب في كل قسم اسماء الفريقين.. هذه الأقسام لها أرقام.. يقول المعلق مثلاً محمد الجندي في قسم 4 وصل السادس هات وخد مع محمد الهيطة مثلاً مثلاً.. اقتربا "بصوت عالي جداً" من مرمي فاروق "الزمالك الآن" مثلاً.. ياه.. ياه يحيي إمام حارس المرمي خطف الكرة من أمام لهيطة.. مثلاً.
بهذه الطريقة كنا نتابع المباراة.. لدرجة أن المكتبات حتي دكاكين البقالة كانت تبيع هذه الأوراق بكثافة كبيرة لشدة الإقبال عليها.. لعلني استطعت أن أوضح الصورة.
***
لبعض الظروف الخاصة.. اكتفي اليوم بهذا القدر.. اكتفي بالإجابة علي سؤال منذ أيام.. وإلي الغد بإذن الله تعالي.