مواقف حزينة ولحظات مبكية أن تدفن اثنين من أخوتك خلال مدة لا تزيد عن الشهرين إلا ببضعة أيام. حتي ولو كانا من كبار السن. فالأخ هو السند والمعين الحقيقي بعيداً عن أية أغراض في كل مكان وفي أي زمان.. وأشهد الله إنهما ومن سبقهما كانوا لنا بمثابة الأب بحنانه وعطفه واحتوائه في وقت الاحتياج.. يفرحون لفرحنا.. ويحزنون عندما يصيبنا مكروه.
وخلال عملية دفن جثة أخي الأسبوع الماضي علق في ذهني موقفين.. الأول: ان الإنسان مهما بلغ من قوة أو من ثراء مالي أو اجتماعي فهو ضعيف لا حول ولا قوة.. فقد دفنه أولاده وغادر الصحة والمال.. لم يبق فقط إلا عمله.. وصدق رب العزة عندما قال: "ما أغني عني مالية هلك عني سلطانية".. هذا الإنسان الذي سعي في الأرض يميناً ويساراً.. يشتري ويبيع.. يقتل.. ينافق.. يسب.. يصارع أخيه الإنسان من أجل أشياء زائلة.. ومهما طال عمره سيأتي يوم حسابه.
لم يتذكر الإنسان يوماً ان ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.. ولم يتذكر يوم يقول "هاؤم اقرءوا كتابيه" فإن كان خيراً فالجنة ونعيمها.. وإن كان غير ذلك - لا قدر الله - سيقول "ياليتني كنت ترابا".
فيا كل إنسان علي وجه الأرض عش حياتك ولكن ضع لقاء رب العزة أمامك فكل صراع بين الإنسان وأخيه الإنسان لا يستحق الوقوف لحظة يوم تدنو الشمس من الرءوس ولذلك تعالوا نفعل كما أمرنا الله سبحانه في كتابه "والذين يمشون علي الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".
والموقف الثاني والذي خطر في بالي هو دور الأخ في حياة أخيه والذي دائماً هو السند والظهر والمعين وقت الشدة وصدق رب العزة عندما قال علي لسان سيدنا موسي في سورة طه "هارون أخي. أشدد به أزري".. ورد عليه سبحانه في صورة القصص "سنشد عضدك بأخيك".. ولهذا ففقد الأخ خسارة كبيرة يشعر بها الإنسان لأنه هو الناصح الأمين والداعم لأخيه وقت الفرح والحزن بدون مقابل ودائماً يهمه ان يكون الأخ في أسعد حال.
فيا كل من لديه أخ وانقطعت به السبل للتواصل مع أخيه لأي سبب.. أبحث عن أخيك.. وصل رحمك.. تمتع بحنان الأخوة الذي لا يعوض.. انسي الصراعات والخلافات.. وتذكر فقط الثروة الكبيرة والتي تركها والدك ولا تقدر بثمن.. هو الأخ.