الأخبار
عبد القادر شهيب
شيء من الأمل -مكافحة الفساد بدون جنينة
بقاء هشام جنينة في منصبه كرئيس لجهاز المحاسبات لا يعني ضمانا لاستمرار مكافحتنا للفساد.. وتركه لهذا المنصب لا يعني أيضا توقف مكافحتنا للفساد

بعيدا عن الاتهامات التي طالت المستشار هشام جنينة منذ وقت ليس بالقصير حول وجود علاقة له بالإخوان الذين اختاروه لرئاسة جهاز المحاسبات، فإن الملاحظ ان أغلب المدافعين عن هشام جنينة الآن هم الذين اختاروا لأنفسهم ان يكونوا رافضين ومعارضين وناقدين للحكم الحالي في البلاد، وفي مقدمتهم بالطبع الإخوان.. بينما ان أغلب المطالبين بإقالة أو استقالة هشام جنينة بعد أن أثبتت عليه لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس السيسي «التضليل والتضخيم واساءة توظيف الأرقام، في تقدير تكاليف الفساد بنحو 600 مليار جنيه، هم الذين يساندون هذا الحكم ويتصدون للدفاع عنه».
وهكذا.. الانقسام الإعلامي حول رئيس جهاز المحاسبات ليس انقساما بين اخيار واطهار يريدون مقاومة ومكافحة الفساد وخوض حرب ضده علي غرار حربنا القوية ضد الإرهاب، وبين اشرار يريدون الإبقاء علي الفساد وحماية الفاسدين وإعفاءهم من الحساب والمساءلة ولا يحرصون علي انقاذ أموال الدولة من شرورهم، كما يروج البعض إما عن عمد أو بدون قصد.. وهذا أمر مفهوم في ظل التطورات التي شهدتها البلاد منذ 25 يناير 2011، مرورا بوصول الإخوان إلي الحكم في يوليو 2012، ثم الإطاحة بهم من الحكم في يوليو 2013، وانتخاب رئيس جديد بعد إقرار دستور جديد.. ولعل هذا ما يكشف عن بعض جوانبه برلماننا الجديد أيضا بتركيبته.. فإن الصراع الذي نشب علي السلطة قبل أكثر من خمس سنوات مضت لم ينته أو يتوقف، وذلك نتيجة لوجود طامحين في السلطة، ولوجود مخططات أجنبية تستهدف ترتيب أوضاع الحكم في مصر بما يخدم مصالح أصحاب هذه المخططات وبما يتيح لهم التدخل في شئوننا والهيمنة ليس فقط علي بلادنا وإنما علي بقية بلاد المنطقة.
اذن.. بقاء هشام جنينة في منصبه كرئيس لجهاز المحاسبات لا يعني ضمانا لاستمرار مكافحتنا للفساد.. وتركه لهذا المنصب لا يعني أيضا توقف مكافحتنا للفساد.. ان هشام جنينة بغض النظر عن وجود أو عدم وجود علاقة له بالإخوان ليس هو عنوان مكافحة الفساد في البلاد.. وهنا أنا أتجاوز عن ذلك، الاختلاف حول هشام جنينة الدائر بين البعض الذي يراه بطلا لمكافحة الفساد والكثيرين الذين يرونه مكافحا سياسيا ضد الحكم الجديد.. وان كنت أري ضرورة وأهمية التحقق مما يقوله ويردده المستشار هشام جنينة حول حجم الفساد وتكلفته التي نتحملها في مصر، ومحاسبته مهنيا بوصفه رئيسا لواحد من الأجهزة الرقابية المهمة التي يتعين ان تتحري الدقة فيما تعده من دراسات وما تذكره من أرقام وتحدده من تقديرات، ناهيك بالطبع عن الأسلوب الذي اتبعه رئيس الجهاز في الإعلان عن تقاريره ودراساته وأرقامه.
عنوان مكافحة الفساد في البلاد أمر وموضوع مختلف تماما عن مصير منصب هشام جنينة، بل حتي عن أسلوب عمل جهاز المحاسبات وأيضا هيئة الرقابة الإدارية، بل وعن تشكيل مفوضية لمكافحة الفساد.. مكافحة الفساد تقتضي التخلص من أدوات الفساد أو الوسائل التي استفاد منها الفاسدون في التحصل علي كسب سهل وسريع وضخم وغير مشروع.. وأهم هذه الوسائل -طبقا لخبرة سنوات مضت- ثلاث.. الأولي طريقة توزيع أو تخصيص أراضي الدولة للمستثمرين وغيرهم من الحائزين، حيث حقق البعض ثرواتهم الضخمة بالحصول علي مساحات شاسعة من أراضي الدولة.. والأسلوب الثاني خاص بمنح التراخيص الحكومية التي كانت بالنسبة للبعض أشبه بالدجاجة التي تبيض ذهبا أو ورقة اليانصيب المربحة!.. وثالثا الثغرات الموجودة في القوانين والتي كان يستغلها كبار وصغار الفاسدين معا.
هذا هو سبيلنا لمكافحة حقيقية وجادة للفساد، سلاحنا للنصر في معركة التخلص من الفساد بغض النظر عمن يتولي رئاسة الأجهزة الرقابية في بلادنا، خاصة ان هناك مناخا جديدا يمكن استثماره يتمثل في رغبة شعبية عارمة للتصدي للفساد، وأيضا إرادة سياسية في هذا الصدد في ظل وجود رئيس جديد يعلي القيم الاخلاقية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف