في الوقت الذي يموج فيه الوسط الرياضي بالصراعات والخلافات والمشاكل وصخب الأحداث.. يأتينا درس مهم من نجم خلوق.. عاش في هدوء ورحل بهدوء.
جاء رحيل النجم الكبير حمادة إمام ليرسل لنا عدة رسائل في غاية الأهمية.. من خلال عزائه الذي تحدث عن حياته .. لم يكن مجرد نجم في نادي الزمالك.. لكنه كان أحد الأعمدة التي ترسخ عليها هذا البنيان الضخم.. لقد شهد النادي العريق عبر تاريخه نجوما عديدة.. فلماذا جاءت الرسائل من محمد إمام؟
لأنه أحد القلائل الذين أكدوا أن الأخلاق قبل الموهبة.. إما إذا اندمجا فهما يقدمان لنا قطعة فنية نادرة من الإنسانية الجميلة.
كان - رحمه الله - ذاهدا في المناصب التي يتكالب عليها الجميع سواء في النادي أو اتحاد الكرة أو الادارة الرياضية بمجالها الأوسع.. وهو الأحق من الكثيرين ممن جلسوا علي الكراسي.. لكنه لم يدخل مع شلة أو يقوم بالتربيط سرا مع جماعة وصولا لمنصب.. بل كانت المناصب هي التي تسعي إليه.
التواضع.. والاحترام.. والترفع عن الصغائر.. كلها صفات أصيلة فيه.. لمستها بنفسي عندما تعاملت معه منذ سنوات بعيدة في بدايات عملي بالصحافة رغم أنني كنت وقتها في مجلة النادي الأهلي.. إلا أنه كان رائعا في التعامل مع المنافسين.
كان عف اللسان.. كما تخرج منه كلمة غير لائقة لأي سبب.. وكان يتمتع بدبلوماسية فائقة.. يحب الجميع.. ولا يسعي لاغضاب أحد.
تعرض - وجيله - لظلم كبير بتوقف الكرة في أعقاب نكسة 67.. اعتقد أنه لو كان اللعب استمر.. لأبدع الكابتن حمادة وأظهر المزيد من المهارات الفائقة.
اختم رثائي المتواضع لنجم كبير بموقف أراه رائعا ربما لم يتوقف عنده الكثيرون.. فقد روي الراحل حمادة إمام في لقاء تليفزيوني معه.. أنه عندما علم بأن ابنه حازم - نجم الزمالك الكبير - انضم للنادي الأهلي وهو في مرحلة الناشئين.. وكان ناشئا في نادي الصيد.. ذهب بنفسه للراحل صالح سليم - رئيس الأهلي والنجم العظيم - وقال له.. »لو لعب حازم في الأهلي لن أدخل نادي الزمالك».. فعلي الفور قام صالح بتمزيق استمارة انضمام حازم.. وكأن شيئا لم يكن.. هذه الواقعة لم يكن يعرفها سوي أشخاص قليلة جدا.. وهذا الحوار بينه والكابتن صالح لم يعلم به أحد.. وكان بإمكان الكابتن حمادة أن لا يذكره.. أو يقدم نفسه به بطلا وقتها.. لكنه ذكراها بعد سنوات ليعطي صالح سليم حقه بعد رحيله.. ليضرب مثلا في علو الأخلاق علي المصالح.
هذه الرسائل.. وغيرها كانت هي سر هذا الطوفان من الحب والوفاء الذي ناله النجم الراحل الكبير.. من منافسيه قبل أحبائه..
وداعا لفارس قلما تجود بمثله الملاعب.