صدر يوم السبت 8 يناير الماضي حكماً قضائياً تاريخياً ضاع في ضجيج جلسة الافتتاح الصاخبة للبرلمان المصري التي جرت يوم الأحد 10 يناير. وما تضمنته من "شو" إعلامي هزلي. لنفر من الأعضاء أصروا علي أن يسبغوا عليها نكهة استعراضية بائسة. صادمين الرأي العام بالإصرار علي إعلان خروجهم علي الدستور ومقسمين ب "الطلاق" علي كراهيتهم لثورة يناير. التي تحل ذكراها الخامسة هذه الأيام!.
وقد أتي الحكم في القضية المشار إليها والتي عُرفت إعلامياً باسم "قضية القصور الرئاسية" ضد الرئيس المخلوع "حسني مبارك" ونجليه "جمال" و"علاء" متضمناً التأكيد لحكم سابق. بسجن المدانين الثلاثة. ثلاث سنوات لكل منهم. مع إلزامهم متضامنين إلزام برد مبلغ 21 مليون جنيه و197 ألفاً وتغريمهم مبلغ 125 مليوناً و179 ألفاً.
وقد عبَّر السيد المستشار "أسامة شاهين" رئيس محكمة جنايات القاهرة. في حيثيات الحكم الذي أصدرته بمعاقبة "مبارك" ونجليه. في منتصف شهر مايو 2014 وهو الحكم الذي أيدته جلسة يوم 8 يناير 2016. المُشار إليها. عن دوافع هذا الحكم ومبرراته. فذكر أن المحكمة رأت أن الأفعال التي أتاها المتهم الأول. "محمد حسني مبارك" الذي أقسم علي احترام الدستور والقانون. وبات نائباً عن شعبه في إدارة شئونه وقائماً علي أمواله. فكان لزاماً عليه كبح جماح نفسه وأولاده وغيرهم عن المال العام. لا يستبيح منه شيئاً إلا بحقه" لكنه بدلاً من ذلك. "أطلق لنفسه ولنجليه العنان في المال العام. يغترفون منه ما شاءوا. دون رقيب. ودون اعتبار فحق عليهم العقاب".
وهذا الحكم يعني حسب رأي العديد من الخبراء القانونيين وجوب تنفيذ عقوبة السجن المقررة. ودفع الغرامة الموقَّعة. بالطرق القانونية. والأهم هو أنها وباعتبارها جريمة مُخلة بالشرف. تؤدي بالتبعية. إلي تجريد "مبارك" من حقوقه الشرفية كرئيس وعسكري سابق. بما في ذلك تكريمه بمراسيم "الجنازة العسكرية" حال وفاته. وسحب الأوسمة والنياشين التي حازها. لسلوكه المشين الذي أوجب إصدار هذا الحكم. فضلاً عن حرمانهم من حق المشاركة في الحياة السياسية لمدة سبع سنوات. بعد انقضاء أجل المدة المقررة لحبسهم. وهي ثلاث سنوات!.
وإذا كان هذا الحكم علي درجة بالغة من الأهمية. لأنه الحكم الأول في تاريخ مصر. الذي يدان فيه رئيساً لدولة. في حياته ويكون مشمولاً بالتنفيذ فهو يعني بوضوح أن عصر الحاكم "الفرعون" الإله. الذي لا يُسأل عما يفعل. ولا يُحاسب علي الجرائم التي اقترفها. قد ولي إلي غير رجعة. وهو أحد ثمار ثورة يناير المباركة. التي يتطاول عليها أنصار "مبارك" وأيتامه. وأعضاء جماعة "آسفين ياريس" إذ لم يعد أي منهم سبباً للدفاع عن مجرم أدانه القانون. بعد استنفاده لكل فرص الدفاع عن النفس. بيقين المحكمة أنه وبنيه. قد ارتكبوا جريمة سرقة المال العام. عامدين دون يرف أن لهم جفن. أن أو رق لهم ضمير!.
يترتب علي ما تقدم أن هذا الحكم الذي جاء بمثابة "رد اعتبار" لثورة يناير. ونحن علي أعتاب ذكراها الخامسة. أنه من ناحية أخري. جاء كإدانة مباشرة. لكل من يتطاول علي ثورة يناير. ويحاول تشويه سيرتها. وتلويث سمعتها. مثلما يفعل بعض المتكسبين أو السفهاء. وهو تأكيد صريح علي أن شعب مصر كان محقاً في الثورة علي حكم فسد رأسه. وانتشر الخراب في أركانه. حتي نخر ركائزه وآن أوان رحيله!