تحسم لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة اليوم (20 يناير) الجدل الذى ثار حول قرار وزير التعليم العالى الدكتور أشرف الشيحى بعدم اعتماد نتيجة انتخابات اتحاد طلاب مصر. ذلك الجدل الذى احتدم بعد أن اتخذ الوزير قراراً بعدم اعتماد النتيجة التى تمخضت عنها الانتخابات، وفاز فيها قيادات طلابية تصف نفسها بالمستقلة. المبررات التى ساقها «الشيحى» لقراره، لا تتعدى -فى تقديرى- التمحكات، فقد تمحك مرة بقبول لجنة الانتخابات الطعن الذى تقدم به أحد رؤساء الاتحادات ببطلان انتخابات اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، وأكد أن الوزارة تقف على مسافة واحدة من جميع الطلاب، وتمحك مرة أخرى بأن السبب فى إلغاء نتيجة الانتخابات أن جامعة القاهرة روّجت لمرشحها الطالب «عبدالله أنور»، حين استضافت الهيئة الانتخابية (46 عضواً) فى لقاء دعا إليه «أنور» فى المدينة الجامعية لمناقشة اللائحة الطلابية.
أثارت انتباهى عبارة «المسافة الواحدة» التى جاءت على لسان الوزير فى تصريح أدلى به لجريدة «الوطن» بتاريخ (26/12/2015)، وهو يصف موقفه من الانتخابات. فقد تداول الطلاب اتصالاً هاتفياً -لست أعلم مدى دقته- لأحد مستشارى الوزير، يحث فيه أحد الطلاب، من أعضاء الهيئة الانتخابية، على التصويت لصالح مرشحى جامعة عين شمس والمنيا، المحسوبين على ائتلاف «صوت طلاب مصر»، ولاحظ حالة الانسجام الصوتى بين «تحيا مصر» و«فى حب مصر». وهو انسجام يمكن أن يساعدك فى فهم الكثير من المسكوت عنه فى أزمة «اتحاد طلاب مصر»!. فى هذا السياق يصعب أن يجد أى منصف معنى لـ«عبارة نقف على مسافة واحدة» التى رددها الوزير، خصوصاً إذا صحت المكالمة التى تداولها الطلاب.
أما الأمر الثانى المتعلق بأن جامعة القاهرة روّجت لمرشحها، فتعوزه الدقة. لقد كان من الممكن أن أتفهّم أن يقول الوزير إن مرشح «القاهرة» اجتهد للترويج لنفسه، شأنه شأن مرشحى جامعة عين شمس أو جامعة المنيا اللذين كانت تروج لهما الوزارة نفسها، وإن كان الفارق بعيداً بُعد السماء عن الأرض بين مرشح يناقش اللائحة الطلابية مع هيئة ناخبين، ومرشح آخر يتّكل على مستشار وزير يروج لقائمة، أخشى أن أقول إنها أُعدت بنفس الطريقة التى أُعدت بها بعض الأجهزة القائمة التى فازت فى انتخابات «النواب»!
قرار إلغاء نتيجة الانتخابات صبّ المزيد من الزيت على حالة الغضب المشتعلة فى الأوساط الشبابية، وأدخل الوزارة فى مواجهة -لا لزوم لها- مع الطلاب، ونقل إليهم شعوراً بأن السلطة لا ترى فيهم الأهلية لاختيار ممثليهم، طالما لم يختاروا من ارتضته لهم السلطة. هذا النمط من الأداء يضيف المزيد من التمدُّد إلى الفجوة القائمة بين الشباب والسلطة فى مصر، ويهد أى محاولات لخلق جسور ثقة بين الطرفين، لأن الرسالة التى تصل إلى الشباب عبر هذه الممارسات تعطيهم إحساساً بأن السلطة تنظر إليهم، فلا ترى فيهم سوى المؤيدين لها. أما المستقلون، أو من يتبنون رؤية مخالفة لها، أو لا يجيدون الهتاف والتصفيق للكبار، فلا اختيار لهم، ولا خيار أمامهم، سوى أن يصفعوا رؤوسهم فى الحائط!.