صلاح عطية
مشروع قومي يوفر لنا 20 مليار دولار
هذا بحق حلم يجب أن نتفرغ جميعاً لتحقيقه.. وهو حلم لن يكلفنا شيئاً كثيراً.. بل لن يكلفنا شيئاً علي الاطلاق.. أكثر من بعض التضحيات إن سُميت كذلك وهي ليست تضحيات.
تخيَّل أننا نستطيع أن نحقق في عام واحد أربعة أمثال دخل قناة السويس من العملة الصعبة "خمسة مليارات".. ونستطيع أن نحقق ثلاث مرات دخل السياحة الآن بعد هبوطها إلي أقل من سبعة مليارات دولار.. وتخيَّل أننا نستطيع أن نضيف إلي احتياطينا من العملة الصعبة عشرين مليار دولار في سنة واحدة.. وأن نوفر دولاراتنا للتنمية وحسب.. وأن نرفع سعر الجنيه.. فتنخفض أسعار وارداتنا.. ونسهم في تعديل مستويات أسعار السلع الرئيسية التي تتقافز سابقة كل زيادة في سعر الدولار؟..
تصور هذا كله بأيدينا.. وليس يأيدي غيرنا.. فقط لو انطلقنا معاً لتحقيق الحلم الذي لن يكلفنا أي استثمارات ولا أي إنفاق جديد.. بل علي العكس سيفتح الباب لاستثمارات جديدة.. ويحد أيضاً من الإنفاق فيما لا ضرورة له.
طالت المقدمة بعض الشيء.. ولم يبق إلا أن ندخل مباشرة في الموضوع.. وهو باختصار ما أعلنه محافظ البنك المركزي طارق عامر من أننا لو أوقفنا استيراد الواردات غير الضرورية. يمكن أن نوفر في العام الحالي عشرين مليار دولار بذلك من حجم الواردات الذي يصل إلي ثمانين مليار دولار.
محافظ البنك المركزي لا يقصد غير الواردات غير الضرورية.. لا يقصد بطبيعة وارداتنا من القمح أو الفول أو العدس أو الذرة.. التي لم نستطع أن نوفر حاجة البلاد منها للأسف.. ولا واردات اللحوم والدواجن التي نستطيع أن نحقق في بعضها اكتفاء ذاتياً.. ولا يقصد بطبيعة الحال الدواء.. أو مستلزمات الإنتاج.. ولا الخامات التي تحتاجها صناعتنا.. ولا أي شيء من الضروريات التي لا غني عنها ولا نستطيع إنتاجها في مصر.. وإنما بطبيعة الحال يقصد التوفير بنسبة الربع من وارداتنا بالتوقف عن استيراد السلع والمواد الاستفزازية.. حتي ولو كانت في كمثري صينية.. أو ثوم صيني أو كبريت من الهند.. أو تفاح من أمريكا وحتي إيران.. أو جمبري من البرازيل.. أو ملابس داخلية أو حتي خارجية.. أو بسكويت من إنجلترا.. أو أنواع الجبن الفاخرة التي تعرضها محلات السوبر ماركت.. كل هذه السلع وأمثالها مما لا ضرورة لها.. ولا ضرر إن امتنع استيرادها.. لو توقفنا عن استيرادها.. نستطيع أن تحقق الحلم.. فهل هذا كثير علينا؟.. هل يستكثر علينا السادة المستوردون أن نحقق حلماً يدفع بلادنا إلي الأمام ويحسن اقتصادها ويوقف نزيف العملة الصعبة ويرفع من قيمة احتياطينا من هذه العملة..؟!
أعتقد أن تحقيق هذا الحلم يدخل بنتائجه في نطاق المشروعات القومية.. بل هو أهم مشروع قومي علي الاطلاق في هذه المرحلة.. لأنه بقدر ما سيوفر العملات الصعبة.. بقدر ما سيحسن الاقتصاد.. ويرفع الاحتياطي.. ويعيد سعر الدولار إلي أرقام مقبولة.. وإلي هذا كله سيدفع إلي تحسين المنتج المصري.. والاكتفاء بهذا المنتج فيما يمكن أن يلبي كل احتياجات الاستهلاك المحلية.
عشرون مليار دولار تغنينا عن بعض الجري وراء المعونات أو القروض والمساعدات.. في وقت يعاني المانحون والمقرضون من انخفاض دخولهم بعد هبوط أسعار البترول إلي حدود غير مقبولة.
نحن نتطلع إلي الحكومة.. وهي تعد برنامجها إلي مجلس النواب ليكون هذا علي رأس أولوياتها كمشروع قومي يوفر لمصر عشرين مليار دولار.. ونتطلع إلي مجلس النواب إن أغفلت الحكومة هذا المشروع في برنامجها.. ونتطلع أيضاً إلي كل القوي الوطنية عليها تستطيع أن تقف في وجه مافيا الاستيراد. وتحد من استيراد كل ما لا ضرورة له.. وكل ما له مثيل ينتج في مصر.. ونتطلع إلي عودة كل حملات دعم المنتج المصري والامتناع عن شراء كل ما يستورد ليقضي علي صناعة مصرية.. أو ليؤدي إلي ضرب الاقتصاد.. ورفع سعر الدلار.. وخفض الاحتياطي.
هذا مشروع قومي.. لا يحتمل انتظاراً.. بل يتوجب علينا أن نساند الدولة.. ونقف معها... لتَشْرَع علي الفور في تنفيذه.