الوفد
عبد الرحمن فهمى
ذكريات قلم معاصر- الرئيس الصيني.. وتجارب إسبانيا والبرتغال
زيارة الرئيس الصيني «شي جين بينج» لمصر في هذا التوقيت بالذات تعد أهم وأخطر خبر في عام 2016، حتي الآن، أكبر دولة تجارية واقتصادية يزور رئيسها مصر التي تحاول أن تعيد بناءها وانتشال اقتصادها من الحضيض تحت وطأة ديون ضربت الرقم القياسي العالمي وإيقاف الخلل التجاري الذي تعانيه لأول مرة في تاريخها.. انها فرصة ذهبية لمصر لانطلاقها إلي أبعد ما كنا نحلم.
الرجل جاء إلي مصر بناء علي «دعوة تقليدية» قديمة.. فعادة في نهاية كل زيارة رسمية لبلد ما يوجه رئيس الدولة دعوة لكبار مسئولي الدولة المضيفة لزيارة بلاده.. جاء الرجل بقلب مفتوح و«جيب مفتوح» مفتوح ليحتضن المنطقة العربية كلها.. وكتب وصرح بأنه جاء لتعميق الثقة المتبادلة والتعاون الاستراتيجي.. وأحلي كلام والرغبة الأكيدة لاتخاذ القرارات العملية علي الأرض لا حبر علي ورق..
***
ولا أدري هل الحكومة انتهزت هذه الفرصة الذهبية التي قد لا تعود.. أم ماذا؟
لو كان «ماذا» تكون كارثة للبلد كلها.. لا أدري ماذا أسفرت هذه الزيارة «الذهبية» فأنا أكتب صباح الأربعاء «أمس» وكم كنت أود أن ننفذ ما فعلته إسبانيا.. والبرتغال منذ أكثر من نصف قرن..
واجهت إسبانيا والبرتغال الأمور بواقعية وعقلية.. مفتوحة الدولتان في أشد الحاجة للنهوض الاقتصادي «بأي ثمن، وبأي تضحية».
قدمت الدولتان تنازلات مذهلة للشركات العالمية المشهورة وهما علي يقين بأن كل ما قدمتاه من تضحيات ستعود عليها أضعافاً مضاعفة.. مثلا.. مثلا..
هذه جزيرة وسط المحيط - فيها فلاحون يزرعون الطماطم ولا أدري لماذا الطماطم بالذات ويعيشون علي ثمنها.. بعض الشركات السياحية والمقاولات اتفقوا مع الحكومات علي تحويل هذه الجزيرة لأحلي منتجع سياحي في خلال مدة كذا وتستغل الجزيرة كذا سنة ثم تشارك الحكومة في الأرباح.. مثلا.. لا أعرف طبعاً بنود هذه العقود رغم صلة قرابة مع احدي هذه الشركات.
هذه الجزيرة التي كانت تبيع الطماطم من الصعب بل من المستحيل أن تجد سريرا ولا أقول حجرة في فندق أوبانجلو وهو اسم كبينة صغيرة علي البحر.. من المستحيل أن تجد السرير إلا كنت قد حجزت من قبل بفترة طويلة!!
الآن الحكومة الإسبانية تكسب من هذه الجزيرة أضعاف أضعاف ثمن الأرض التي تركتها لهذه الشركات!!
هذا مجرد مثال من العديد من الأمثلة.
أذكر أن إحسان عبدالقدوس كان حريصا علي قضاء شهر كامل كل عام في جزيرة مشهورة تابعة للبرتغال ليكتب قصصه.
***
وبعد
إذا كانت إسبانيا والبرتغال في ظروف عادية كانت تضحي في البداية لكي تكسب مكاسب رهيبة في النهاية وطول العمر.
أليست مصر - في ظروفنا الحالية - في أشد الحاجة للتضحية من أجل مستقبل البلد التي عاشت في ظلام ستين عاما!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف