الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. البلدى.. يوكل!
من منا لا يحب البلدي، ومن ينسي نداءات الباعة زمان.. ولهذا نعشق هذا البلدي ونحن إلي كل ما هو بلدي!!
ولكن اختفت من حياتنا أشياء جميلة.. كلها بلدي. منها ما يؤكل.. أو يري أو حتي يشم. مثلاً لا ننسي طعم الفراولة البلدي. الصغيرة اللذيذة التي اختفت وجاءوا لنا بدلاً منها ما يطلقون عليه «فراولة» بينما هي مجرد «لفت أحمر» أو ـ كما أري أناـ انها مجرد خيار.. تصلح للتخليل وأحيانا للتمليح.. وخدعونا عندما قالوا لنا إننا سنربح الكثير من تصديرها.. فلا نحن قدمنا للناس شيئاً طيباً يؤكل أو يتم تصديره.. ولا نحن احتفظنا.. بالفراولة البلدي.
<< واختفي ـ أو كاد ـ العنب البناتي المصري الصغير.. وكذلك العنب الفيومي وعنب بز العنزة وكلاهما كثير المياه ولكن يعيبه «البذور». ولكن هل منا من لا يفتقد هذه الأنواع الثلاثة.. ويحل مكانها العنب الأحمر المستوردة بذوره، أو عقله، وهو بالمناسبة ليس من أعناب المائدة ولكنه من عنب العصير.. وميزته الوحيدة أنه بدون بذر.. وأنا نفسي أفتقد العنب الأحمر والأسود، أبو ريحة.. كبير الحجم وكان يشبه العنب اللبناني واليوناني وكذلك عنب جاناكليس الذي أدخله إلي مصر هذا اليوناني المتمصر الذي استصلح مساحات كبيرة بين محافظتي الاسكندرية والبحيرة.. وزرع فيها هذا العنب. ولكن اختفي العنب هذا الجاناكليس.. وان بقيت منطقة جاناكليس..
<< واختفي أيضاً ـ أو كاد ـ اليوسفي البلدي.. ويكاد يحل محله اليوسفي الصيني والاسباني والفرنسي وكلها كبيرة الحجم، وليست في لذة اليوسفي البلدي.. تماماً كما اختفي من حياتنا البرتقال البلدي أبو دمه.. برتقال العصير الذي كنا نحوله ـ في البيوت ـ إلي شربات برتقال أو مربي.. تماماً كما يكاد يختفي النارنج، أو اللارنج بالبلدي وما ألذ وأطعم مربي هذا النارنج.. وكانت سيداتنا في الماضي بارعات في صنع هذه المربي، في البيوت.. وتشهد أسواقنا الآن انتشار يوسفي الكلامنتينا، وهو لبناني أو سوري الأصل.. ولكن يعيبه صعوبة تقشيره وهو وان كان لذيذاً ولكنني أري أن اليوسفي البلدي.. ألذ!!
<< ومن ينسي الخوج البلدي ـ بتاع القليوبية ـ برائحته الرائعة ونسبة السكر فيه المعتدلة.. والغني بالمعادن والفيتامينات.. حتي وان نجد الآن الخوخ المهجن الجديد الذي يعود بأصوله إلي اليونان وتركيا وايطاليا وكذلك لبنان.. بل والأردن.. ونفس الوضع نجده في قصب خد الجميل وفيه يختلط الأحمر والأصفر في عود واحد. نسبة السكر فيه عالية للغاية وكذلك نسبة العصير.. وكذلك اختفي القصب أحمر اللون الذي كان ينتشر في الوجه البحري.. ولم نعد نجد إلا نوعاً من الغاب.. يقال له قصب.. وهو الأكثر انتشاراً في الصعيد، حيث مصانع السكر ومصانع صنع العسل الاسود..
كما انتهي عصر التوت البلدي ـ الأبيض والأحمر ـ وكذلك التوت الشامي الذي أدخله محمد علي باشا وابنه ابراهيم إلي مصر عندما زرع مئات الألوف من أشجاره من أجل تربية دود القز من أجل الحرير الطبيعي.
<< والتفاح البلدي «المزز» الذي برع المصري في إضافة سائل سكري أحمر علي جزء من التفاحة ليعوض نقص السكر فيه. حقيقة نحن حاولنا ادخال أنواع جديدة من التفاح.. ولكننا رقصنا علي السلم!! ونفس الشيء مع الموز البلدي، أو الموز المغربي أبو نقطة.. وأيضاً أبو ريحة.. فأين الموز الذي دخل مصر ـ في مزارع الطريق الصحراوي ـ من هذا الموز المغربي.. أبو نقطة!! وكذلك يكاد يختفي الرمان الممتاز، الذي تجود زراعته في منطقة منفلوط وما حولها.. ولكننا الآن نجد الرمان أحمر في القشرة.. ولكن قلبه أبيض.. وهنا يخدعنا الباعة وهم ينادون علي أي رمان.. بأنه رمان منفلوط!! بل نسينا استخدام قشوره كعلاج لبعض أمراض المعدة. وكنا نحارب به ديدان الانكلستوما والبلهارسيا.. وغيرها!!
<< وهل ننسي الفول الأخضر البلدي الذي تواري ليزداد تواجد الفول الرومي.. وكنا نجفف كميات من الفول البلدي لاستخدامه في صنع الفول المدمس بعد أن نقوم بتخزينه في «المكامير» تحت الأرض لحمايته من التسوس!!. والأنواع الأقل جودة نحولها إلي «فول مدشوش» لاستخدامه في صنع عجينة الطعمية.. والبصارة وغيرها.. ونفس الشيء خسرنا أحسن عدس كانت تجود زراعته في منطقة إسنا وهو أفضل من العدس التركي والكندي الذي نستورد منه 95٪ من احتياجاتنا من العدس.. أيضاً أفتقد الورد البلدي «الجوري» برائحته المميزة.. تماماً كما أفتقد بنت البلد الحقيقية التي تضع المنديل أبو أوية والبرقع والقصبة.. وأحب البلدي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف