المساء
يسرى حسان
أي حاجة -لكنها تدور!
في مسرحية "جاليليو" التي قدمها مسرح الهناجر منذ عدة سنوات اخراج طارق الدويري وبطولة الفنان الكبير سامي عبدالحليم. اضطر جاليليو- سامي عبدالحليم- ان يعترف امام المحكمة التي شكلتها الكنيسة بأن الارض لاتدور. ثم ادار ظهره لها ونظر بخباثة إلي الجمهور قائلاً: ولكنها تدور.
حكموا علي جاليليو بالسجن وذلك ارضاء لخصومه من رجال السياسة والدين وبعدها تم تخفيف الحكم إلي فرض الاقامة الجبرية عليه لكن الايام اثبتت صحة ما توصل اليه الرجل وتعرض بسببه لاضطهاد الفاشية الدينية والسياسية. وعاش الرجل في وجدان الانسانية عالماً مخلداً. بينما ذهبت المحكمة بكامل اعضائها إلي مزبلة التاريخ.
وفي كل عصر فاشي- دينياً أو سياسياً هناك دائماً جاليليو الذي يخرج عن السياق فيتعرض للمحاكمة او الاضطهاد او التضييق عليه في رزقه. لكنه لايمضي عابراً بل يظل مقيماً في ضمير الناس. بينما يظل جلادوه ومضطهدوه ولكن تحت احذية الناس!
هكذا ينبئنا التاريخ ويعلمنا. وحتي لو تم تزييفه في بعض الاحيان لاغراض سياسية أو دينية. فإن التزييف لايصمد علي يد الباحثين المحايدين والموضوعيين. كما حدث مثلاً مع صلاح الدين الايوبي الذي هزم الصليبيين بالفعل لكنه كان ديكتاتوراً عظيماً واضطهد الكثير من العلماء والمفكرين لم يكن "السهروردي" آخرهم وان كان اشهرهم.
وتظل ازمة اغلب الحكام والمتحكمين في أنهم لايقرأون التاريخ ولايتأملون احداثه ولايتعظون من عبراته. فيكررون ما فعله الطغاة قبلهم فيلقون نفس مصيرهم الذي هو دائماً وابداً واحد ولايتغير.
لايحتاج الامر سوي القراءة والتأمل ليدرك الحكام انهم ليسوا استثناء. وان ما يسري علي البشر يسري عليهم. الا يأكلون ويشربون ويتناسلون ويمرضون ويموتون مثلهم مثل الاخرين. ام انهم رسل منزلون؟!!
الاذكياء فقط هم من يدركون هذه الحقائق. لكن الازمة ان الذكاء هبة لايمنحها الله الا لقلة من البشر.. انظر حولك لتعرف دون الحاجة إلي ذكاء من سيبقي مخلداً في ضمير الناس.. ومن سيبقي في المكان اللائق به!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف