المساء
عبد المنعم السلمونى
حروف متحركة- الحل الأمثل .. لأزمة سد النهضة
رغم كل ما أثير حول أزمة سد النهضة فلا يزال الكثيرون لا يعلمون الكثير عن تفاصيل هذه الأزمة. حيث نعرف فقط أن السد يشكل تهديدا كبيرا لأمن مصر القومي. وهو كذلك بالفعل.
التفاصيل الخاصة بالازمة ونقاط الخلاف بين الاطراف الثلاثة المعنية بشكل مباشر بالأزمة - مصر والسودان وأثيوبيا - ليست واضحة بالكامل. أو علي الاقل لم تكن واضحة بالنسبة لي.
ومنذ أيام قرأت تقريرا بمجلة الايكونومست البريطانية اصابني بالفزع. حيث أصبحت الشقيقة السودان تقف إلي جوار أثيوبيا في موقفها من بناء السد والموقف السوداني لا يأتي حبا في اثيوبيا ولا كرها في مصر. وانما ينطلق من مصالح اقتصادية زراعية وكهربائية ستعود عليها من المشروع.
وتصف الايكونومست البريطانية السد بأنه نعمة لاثيوبيا ونقمة علي مصر فالخزان خلف السد يمكنه تخزين مياه تعادل حجم مياه النيل الازرق. كما يمكنه انتاج 6 آلاف ميجاوات من الكهرباء. أو أكثر من ضعف ما تنتجه اثيوبيا حاليا من الكهرباء. حيث يعيش 75% من سكانها في ظلام.
وقد أكدت مصر مرارا أنها ليست ضد مصلحة الشعب الاثيوبي وتتمني له كل تقدم وازدهار لكن يجب الا يكون ذلك علي حساب حصتنا من مياه النيل.
وهناك خلاف علي كيفية ملء الخزان والفترة الزمنية الملائمة. لعدم التأثير علي حصة مصر المائية.
ويري بعض الخبراء ان الخزان يمكن ملؤه في 7 سنوات لكن كيفن هويلر من جامعة اكسفورد البريطانية يقول ان تحديد موعد زمني لملء الخزان قد لايكون الحل الامثل للعلاج. لانه يمكن ان تأتي سنوات عجاف شديدة الجفاف أو سنوات غزيرة الامطار إلي حد يلزم معه حجز قدر اكبر من المياه خلف السد. ويوصي بالاتفاق علي تصريف قدر محدد من المياه من السد سنويا. مع ترك الطبيعة هي التي تحدد موعد ملء الخزان.
ولكن مع اتضاح الفوائد التي ستعود علي السودان من السد الذي يقع علي بعد 20 كم من حدودها بدأت الخرطوم تؤيد اثيوبيا.
والمعروف أن السودان تعاني من أزمة طاقة وستحصل علي جزء من الكهرباء التي ينتجها السد وبتثبيت معدل تدفق مياه النهر سيسهم السد في تجنيب السودان مخاطر الغرق في الفيضانات ويتيح لها فرصة استهلاك قدر اكبر من المياه وزيادة حاصلاتها الزراعية.
يقول التقرير أن معظم حصة السودان من المياه تستهلكه مصر في الوقت الحالي والاسوأ انه بعد اقامة السد الاثيوبي لن يصل لنا ما يدفعه النهر من المياه في موسم الامطار لتخزينه في بحيرة ناصر.
ان كمية المياه التي يجب ان تحصل عليها السودان في المستقبل بالاضافة الي عوامل أخري كالتغيرات في كميات الامطار سوف تحدد كيفية تشغيل السد وهذا يستلزم مزيدا من التنسيق والنية الصادقة للتوصل لحلول وسط وتسوية الخلافات بين مصر والسودان حول هذه الامور. والدول الثلاث يمكنها جميعا الاستفادة بالتنسيق معا حسبما يقول الخبراء إذ يؤكدون قدرة الخزان علي تخزين المياه لتتقاسمها الدول الثلاث في سنوات الجفاف إضافة لقدرته علي انتاج الطاقة فور توصيل خطوط نقل الكهرباء.
ويمثل سد النهضة الاختبار الاخير لنوايا الدول الثلاث حول تقاسم المياه وقد يظهر مزيد من العقبات فأثيوبيا تعتزم اقامة سدود أخري علي النهر. قد تزيد من التأثير السلبي علي تدفق المياه لدولتي المصب كما وعدت السودان المستثمرين الاجانب بمياه وفيرة لري اراضيها الشاسعة.
وينتهي تقرير الايكونومست بانه لو شعرت مصر بأنها أصبحت تحت رحمة الجارين الجنوبيين فربما لا تتواني عن اللجوء للسلاح.
ونتمني ألا نصل إلي هذا الوضع.. فالحل الامثل هو الاتفاق علي تصريف قدر محدد من المياه خلف السد سنويا وترك مسألة ملئه لظروف الطبيعة!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف