مؤمن الهباء
شهادة-الحكومة تغالطنا في الحساب
لم يعد لدي الحكومة أي مبرر لرفع أسعار البنزين خلال العام المالي الحالي.. فقد جاءت المنحة من عند الله وانخفضت أسعار البترول في الأسواق العالمية بأكثر مما قدرت الحكومة عند إعداد الموازنة.. وبالتالي فإن الأرقام التي وضعتها من أجل تبرير تخفيض قيمة الدعم الموجه للطاقة في الموازنة صارت غير ذات معني.
وكانت الحكومة قد خططت لخفض فاتورة دعم الطاقة في موازنة العام المالي الحالي 2015 ـ 2016 من 76 مليار جنيه إلي 61 مليارا.. علي أساس أن متوسط سعر برميل النفط في الأسواق العالمية مستقر عند 70 دولارا.. ومعروف أن خطة خفض فاتورة الدعم لدي الحكومة تعتمد علي رفع أسعار الوقود.. وخاصة البنزين.. بالاضافة إلي تطبيق منظومة توزيع الوقود بالكروت الذكية طبقا لما تضمنته موازنة العام المالي الحالي.
لكن الذي حدث.. وجاء من عند الله وحده.. يجب أن يغير هذه الخطة.. فانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية إلي ما دون 29 دولارا للبرميل يملي علي الحكومة أن تلغي أي كلام عن رفع أسعار البنزين.. حيث لم يعد لها حجة تستند إليها بارتفاع أسعار النفط عالميا.
وكان طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية قد اعترف بهذه الحقيقة حين قال إنه مع استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية خلال الفترة القادمة ستتراجع فاتورة دعم المواد البترولية بنهاية العام المالي الحالي بنحو 6 مليارات جنيه من الدعم المستهدف 61 مليارا للسنة المالية الحالية 2015 / 2016 ليصل إلي نحو 55 مليار جنيه.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري صرح الملا أيضا بأن فاتورة واردات مصر من المواد البترولية انخفضت إلي 400 مليون دولار شهريا بدلا من 650 مليون دولار.. أي بنحو 5.38% شهريا مع تراجع أسعار النفط العالمية.
ويبقي بعد هذا الاعتراف أن يخرج تأكيد واضح وصريح من الحكومة بعدم زيادة أسعار البنزين هذا العام.. ليس منة من أحد.. ولكن منحة من الله وحده بعد انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.. ومعلوم أن عدم زيادة سعر البنزين سوف يضمن عدم زيادة أسعار السلع والخدمات ولو لفترة محددة بعد موجات الغلاء التي اكتوينا بها بسبب تصريحات المسئولين المتكررة عن اعتزام الحكومة خفض فاتورة دعم الطاقة ورفع أسعار البنزين تدريجيا خلال 5 سنوات.
والحقيقة اننا إذا صبرنا علي قراءة التقارير الاقتصادية المتخصصة بتمعن فسوف نكتشف ان الحكومة تغالطنا في الحساب كثيرا.. خصوصا فيما يتعلق بفارق السعر بين العالمي والمحلي بالنسبة للبنزين.. وعلي سبيل المثال فقد نشرت صحيفة ¢الشروق¢ في 15 يناير الجاري تقريرا مهما بعنوان ¢المصريون يشترون البنزين بأعلي من أسعاره العالمية¢ اثبتت فيه أن أسعار الوقود في السوق المصرية لم تعد مدعومة كما تقول الحكومة بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية.. بالعكس صارت أسعار بعض المنتجات البترولية في السوق المحلية أعلي من أسعارها في السوق العالمية.
ونقل التقرير عن مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق أن سعر لتر البنزين 92 أصبح الآن أعلي من سعره العالمي بنحو 50 قرشا إذا احتسبنا قيمة الزيت الخام المملوك للدولة بالأسعار العالمية.. فسعر لتر البنزين 92 وصل عالميا إلي ما يوازي 2.10 جنيه في حين يباع في السوق المحلية بــ 2.60 جنيه.. كما أن سعر بنزين 95 أصبح أعلي من الأسعار العالمية بــ 4 جنيهات.. إذ وصل سعره في الأسواق العالمية إلي ما يوازي نحو 2.25 جنيه للتر في حين يتم بيعه في السوق المحلية بــ 6.25 جنيه للتر.. أما أسعار بنزين 80 فلا تزال مدعومة اسميا وليس فعليا.. حيث وصل سعر اللتر عالميا إلي جنيهين ويباع في الأسواق المحلية بــ 1.60 جنيه.. لكن مع اضافة حصة مصر من بنزين 80 بسعر تكلفة استخراجه وتكريره يصبح المنتج ايضا خارج منظومة الدعم لأن سعره المحلي سيفوق سعره العالمي.
هذا مجرد نموذج لطريقة أخري في المحاسبة غير الطريقة التي تحاسبنا بها الحكومة.. ونخرج منها دائما مديونين ومدانين.