خمس سنوات من التظاهر والارتباك تمضى من عمر هذا الوطن وكل من فشلوا، بداية من النشطاء أو القيادات الحزبية ومروراً بالمسئولين والمنظرين وانتهاءً بالإعلاميين والإرهابيين والإخوان، يحملون الشعب وحده نتائج فشلهم السياسى.
من لحظة تنحى مبارك فى مساء 11 فبراير وحتى الآن ظهر سياسيون واختفى آخرون، لمع نجم إعلاميين ورؤساء تحرير وأخذ النسيان فى أحضانه آخرين، جلس مسئولون ووزراء على الكراسى وأزاح الشعب غيرهم إلى السجون أو العزلة، فى وضع مثل حالة المرجيحة يوم تحت ويوم فوق عاشت مصر سنواتها الخمس دون أن يدفع واحد من هؤلاء السابق ذكرهم أى ثمن، فقط الشعب وحده من يدفع كل ثمن ولذا يبقى السؤال: لماذا يدفع البسطاء ثمن معارك السياسيين على تورتة السلطة، وتغير دفة مكاسب الكتاب والوزراء والنشطاء والقيادات الحزبية؟، لماذا يحمّل كل فصيل وتيار فشله فى أى ممارسة ديمقراطية سواء كانت حشداً لانتخابات أو لمظاهرات للشعب دوماً، دون أن يسألوا أنفسهم وماذا فعلوا هم للمصريين؟!
مثلا ظلت شاعرة مثل فاطمة ناعوت تقول الشعر فى المصريين وقوتهم ورجاحة عقلهم التى دفعتهم لإزاحة مرسى وإخوانه من السلطة وحينما أسقطها نفس المصريين فى انتخابات البرلمان الماضية قالت إن الشعب غير مستعد للديمقراطية ومرتشٍ ولا يجيد الاختيار.
من قبل فاطمة ناعوت فعلها اللواء عمر سليمان حينما قال إن الشعب المصرى غير جاهز للديمقراطية، وطرح للأسواق عبارته الشهيرة «بط هوين؟»، رداً على سؤال المذيعة الأمريكية كريستيان أمانبور: هل تؤمن بالديمقراطية، فأجاب: بالطبع، والجميع يؤمن بها، ولكن متى يتم تطبيقها؟
وقتها ثار النشطاء وشباب الثورة واتهموا عمر سليمان بإهانة الشعب المصرى وكتبوا قصائد المدح فى فطنة وشخصية المواطن البسيط وقدرته على تغيير الأنظمة وممارسة الديمقراطية واختيار الأصح، ثم تنقلب عملة الزمن على وجهها الآخر ويموت عمر سليمان ويؤدى النشطاء الثوريون نفس دوره بالجلوس أمام الكاميرات وإهانة الشعب المصرى على اختياراته البرلمانية أو انحيازاته السياسية، متهمين إياه بأنه شعب غير مؤهل للاختيار، ليتشابهوا فى قولهم هذا مع ما سبق أن قاله رئيس وزراء مبارك أحمد نظيف حينما اتهم الشعب المصرى بعدم النضج، واتهموه وقتها بأنه لا يحترم المصريين وكأن إهانة الشعب حينما يخالف هواهم حلال لهم حرام على رموز نظام مبارك.
تشابه مع من سبقوا الإخوانية باكينام الشرقاوى مستشار المعزول مرسى حينما قالت إن سبب المشاكل فى عهد حكم الإخوان حصول المواطن المصرى على جرعة زائدة من الديمقراطية، وفعل مثلها هشام قنديل حينما حدد مشكلة فشل الإخوان فى أن الشعب لم يتعود على الديمقراطية، وانضم إلى قطيعهم خيرت الشاطر عندما سئل عن عدم تنفيذ مشروع النهضة؟ فقال المشكلة مش فينا المشكلة إن تنفيذ المشروع يحتاج إلى شعب مؤهل وعنده وعى.
كل من فشل فى إدارة شئون هذه البلاد حينما أتيحت له الفرصة، اختار الشعب المصرى كشماعة يعلق عليها أسباب فشله، على طريقة «سى لطفى» «ساعة تروح وساعة تيجى» تعامل النشطاء والإخوان وقيادات الأحزاب والمسئولون مع المواطنين البسطاء الذين لم يخذلوا مصر فى ثورتين تظاهروا خلالهما بالملايين حينما شعروا بالخطر على الوطن، إن اختار الشعب ما يضمن مكاسبهم كتبوا فيه قصائد المدح وإن اختار الشعب ما يؤدى إلى ابتعادهم عن السلطة اتهموه بالجهل وعدم الاستعداد للديمقراطية.
حرام عليكم بقى سيبوا المصريين فى حالهم، فلم يدفع غيرهم ثمن معارككم وخلافاتكم وفشلكم.