الوطن
نشوى الحوفى
وسألونى.. فقلت الإنسان
■ سألتنى فتاة شابة عن رؤيتى لتمكين المرأة فى بلادى؟ فأجبت أننى لا أبحث عن تمكين المرأة بل أبحث عن تمكين الإنسان أياً كان جنسه أو لونه أو عمره أو مهنته. أحلم بثقافة قبول الآخر ما دام يستحق. وتمكين المواطن ما دام يتمتع بالكفاءة. أحلم بالمواطنة الحقة للجميع فى بلادى نساءً وشيوخاً وأطفالاً ورجالاً، مرضى وأصحاء، أفراداً ومسئولين. مواطنة تعلى من شأن مفهوم الكرامة الإنسانية والاحترام للخلاف فى وجهات النظر. مواطنة تقوم على المنافسة الشريفة الهادفة لا لشىء إلا لرفعة وازدهار الوطن. سألتنى فقلت أبحث عن الإنسان.

■ وسألنى شاب عن جدوى بنك للمعلومات يكلف بلادى ملايين الدولارات؟ فقلت إن آفة بعض من حارتنا الجهل دون العلم بوقوع فعل الجهل. وآفة شعبنا الفتوى فيما يعلم وما لا يعلم. وآفة بعض إعلامنا التضليل بلا هدف والتغييب المتعمد. وآفة غالبية خريجينا الأمية الفكرية. وآفة غالبية مدرسينا تدنى الخلق. فإذا كان بحثنا ينصب اليوم على إعادة بناء الشخصية المصرية، وإذا كان هدفنا الارتقاء بمستوى فكرها وخلقها لتتمكن من البناء الجاد والتنمية المستدامة، فخطوتنا الأولى إتاحة المعرفة الحديثة بلا حدود، بلا مقابل، ليعتاد الناس البحث عن الحقيقة، والسعى وراء العلم للعلام لا للتعلم وشتان بينهما. سألونى عن هدف بنك المعرفة فقلت يبحث عن الإنسان.

■ وسألونى عن جدوى مجلة الأطفال «نور» التى تشرف على تنفيذها دكتورة نهى عباس والفنان فواز محمد وتصدر بإشراف وموافقة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب؟ فقلت إنها أولى نسمات رياح التغيير على المؤسسة التى تيبست مفاصل فكرها، وباتت بحاجة ملحة لتجديد دماء هدفها، وتنشيط ذاكرة اجتهادها. هل تعلمون قيمة «نور» فى مجتمع يرفض الفنون ويعتبرها حراماً؟ هل تدركون أهمية «نور» فى معاهد ميزت المنتمين لها عن بقية جسد الأمة؟ هل تدركون معنى أن يعترض عليها المحيطون بشيخ الأزهر ويصر هو عليها لنشر المعرفة بالتاريخ والانتماء والوطن وقصص النجاح لأطفالنا؟ هل تعرفون معنى أن يشتريها المسلم والمسيحى من أبنائى فى هذا الوطن؟ لو علمتم أو أدركتم لعرفتم أن «نور» تبحث عن الإنسان.

■ وسألونى عن جدوى تقديم برنامج عن الأخلاق وتنمية الفكر وبناء الوعى السياسى والوطنى بما يحيط بنا من أحداث وقضايا فى قناة ليس بها إعلان ولا يقبل على مشاهدتها الكثيرون؟ فذكرت لهم أمر ربى لنبى الله وخليله «إبراهيم» بأن يؤذن فى الناس بالحج ليأتوا للحج من كل فج عميق، صدر الأمر ولم يكن إبراهيم مالكاً لبوق يؤذن فيه ولا قناة توصل صوته ولا إذاعة تبث أذانه. ولكن كان عليه الأذان وكان على الله الإبلاغ. نعم.. قلت إن مهمتى الأذان بالقيم والأفكار والتحليل للقضايا وعلى الله البلاغ ولو قل المشاهدون ولو امتنع المعلنون لتبقى النية هى القائد والهدف هو الإنسان.

■ وسألونى عن بكاء الرجال وكيف أنظر له؟ فسألت ومن حرم بكاءهم ومن كفر دموعهم ومن عاب على مشاعرهم؟ أليسوا بشراً لهم ما للنساء من مشاعر وما للنساء من قلوب؟ أليسوا مخلوقات كسائر المخلوقات تحزن وتهتم وتبكى لأنهم محزونون؟ فإذا لم يفهم أيتام المشاعر وعديمو الإحساس معنى مشاركة الآخر حزنه ومؤازرة الموجوع ألمه فما جدوى الشرح والتوضيح؟ ودعوت أن ينير الله بصائرنا قبل أبصارنا فكم من عيون تمتلئ بالإبصار لا تمتلك قلوباً عامرةً بالبصيرة وتلك فاجعة تعلن وفاة الإنسان. سألونى فقلت ابحثوا بداخلكم عن الإنسان.

■ وسألونى متى تحكمين بجودة نظام التعليم؟ فقلت حينما يمتلك الهوية ويستند على الرؤية ويتواصل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه حتى لو تغير المسئول. وحينما يصبح هدفه الإنسان لتزويده بالمعرفة لا بدرجات النجاح. وحينما يصل بالمنتج التعليمى لما يتوافق واحتياجات سوق العمل. وحينما يدرك أن نجاحه مرهون بصناعة الإنسان التوّاق للعلم لا للمواد فيظل فى حالة تعلم حتى الممات لا لحين انتهائه من الدراسة.

سألونى فقلت اصنعوا الإنسان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف