الوفد
علاء عريبى
رؤى -مساعد وزير الداخلية
حسنا فعل وزير الداخلية عندما قام بعزل قيادات الأمن فى شمال سيناء، لأن حادث العلاقى دليل كاف على قلة الحيلة وضعف التفكير، ونأمل أن يكون قراره هذا بداية لتفكير جديد فى الداخلية يعتمد على العلم والتكنولوجيا وليس على قوة وعبقرية الفرد، ونظن أن الوزارة مطالبة بتدريب أولادنا على الآلية الجديدة، خاصة وأن معظم القيادات القديمة مازالت تفكر بمنطق السوبرمان، والذى يمكن أن نوضحه من خلال تحليل اللواء نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق لحادث الهرم، الذى نشره بالأمس الزميل محمد السيد فى بوابة الوفد، إذ يرى: أن التعامل الأنسب لهذا الموقف كان لابد عن طريق إخلاء الأجهزة الأمنية للعقار المشار إليه، وكذلك العقارين المجاورين له، وفرض طوق أمنى؛ لمحاصرة الخلية، ثم تقوم بمناشدة عناصرها بتنبيهات تحذيرية بأن المكان محاصر، وذلك عبر مكبرات الصوت من أجل القبض عليهم بأقل خسائر ممكنة».
هذا الأسلوب، حسب رؤية نور الدين، يذكرنا بمشاهد الأفلام السينمائية، فسعادة اللواء أخلى فقط العقار المتواجد به الإرهابيين وعقارين مجاورين له، وكأن العقار لا يوجد فى شارع عرضه عشرة أمتار، وليس له جيران فى الصف المقابل، تفكير اللواء نور الدين لم يختلف عن تلاميذه الذين هاجموا العقار، إذ إنه قام بمهاجمة العقار بدون جمع معلومات تحدد هوية الإرهابيين وشكلهم وتحركاتهم وأعمارهم ومؤهلاتهم، كما أنه اعتمد على العنف فى المداهمة، حيث نقل قوة من الأفراد مدججة بالسلاح وقام بمحاصرة العقار فى عز الظهر، وطلب(فى مشهد مسرحى)عبر مكبرات الصوت الإرهابيين بتسليم أنفسهم، والطريف أن سعادة اللواء نصب هذا المشهد فى شارع عرضه عشرة أمتار يعج بالسكان.
نورالدين لم يسأل نفسه: ماذا لو هرب الجناة ضمن سكان العمارة أثناء إخلائها؟، من الطبيعى أن يفروا ضمن السكان، لأن نور الدين لم يعتمد على التحريات التى تحدد هويتهم وأشكالهم وأعمارهم، ولم يسأل نفسه كذلك: فى حالة جمعه لمعلومات ومعرفته لأشكالهم، ماذا لو احتجزوا رهائن من السكان؟، وماذا لو فروا عبر أسطح العقارات؟، وماذا لو أصابت القنابل ووابل الرصاص المتبادل السكان فى العقارات المواجهة، كل ما يراه نور الدين ويؤمن به أن هذا المشهد السينمائى سينتهى بالضرورة بنزول الإرهابيين رافعى الأيدى.
الملفت أن نورالدين يرى أن إنقاذ البلاد من الإرهابيين فى يد ضباط أمن الدولة الذين تقاعدوا، حيث قال: «إن عودة الضباط السابقين بمباحث أمن الدولة غير المتهمين بقضايا تعذيب، سيكون له نتائج ملموسة؛ لتمتعهم بخبرات عن الجماعات الجهادية».
تفكير نور الدين هنا يتسق تماما مع المشهد السينمائى الذى اقترحه، حيث إنه يعلى من شأن الفرد وليس الفكر، وليس العلم، وليس التكنولوجيا، نور الدين نسى أو تناسى أو لم ينتبه إلى أن الخبرات التى تباكى عليها كانت عن جماعات معروفة ولها تاريخها، وأن الإرهاب اليوم يختلف تماما عن الجماعات السابقة، حيث يعتمد على أفراد غير مدرجة فى ملفات أمن الدولة، كما ان ثقافة الإرهابيين الحاليين مفتوحة على العالم أجمع، ويتميزون عن القدماء فى استخدام التكنولوجيا، أضف إلى ذلك أننا نتحدث عن مداهمة لمخبأ إرهابى وليس عن استحضار معلومات عن جماعات، نور الدين يعلق خلاصنا من الإرهاب بعودة بعض الضباط، ماذا لو رفضوا العودة؟، وماذا لو توفاهم الله بعد عمر طويل؟. هل سنسلم مصر للإرهابيين؟، هل سنضحى بأولادنا فى جهاز الشرطة بسبب فكر قديم؟
نور الدين لم يفكر فى التنصت على التليفونات، ولا فى المراقبة بالصوت والصورة للشقة وتحركات من بها، ولم يفكر فى استخدام الكلاب والربوت فى كشف المتفجرات وتفكيكها، هل لأن ثمن الربوت مليون و500 ألف جنيه نخشى خروجه، ونفضله عن أرواح أولادنا؟، هل لأن الكلاب المدربة أغلى من قيمة الفرد فنحجبها عن الخروج مع كل مداهمة؟
تفكير نور الدين للأسف هو تفكير معظم أو أغلب القيادات الأمنية، لهذا يقع ضحايا كثيرون بين أولادنا، المفترض أن نبنى قاعدة معلومات للإرهابيين وللعمليات الإرهابية، وتوقيتها، وعدد منفذيها، والذخيرة والأسلحة المستخدمة، ووسائل النقل التى استخدموها فى الوصول لموقع الحادث، والوسائل المستخدمة فى الفرار، ويجب أن نشكل لجنة من خبراء ومتخصصين مهمتها تحليل المعلومات والتنبؤ بكيفية تنفيذ العمليات، والمفترض أن نقوم بتدريب أولادنا تدريبا جيدا، والمفترض كذلك أن نعتمد على العلم والعقل وليس القوة فى القبض على الإرهابيين، بأن تصطحب القوة معها كلبًا وربوت، وقبل ان تنتقل تزود بمعلومات كافية عن الموقع أو الأفراد.
سؤال أخير: ماذا لو كان الإرهابيون الذين قبضوا عليهم وأرشدوا عن الشقة هم أنفسهم الذين كانون يقيموا فى الشقة؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف