الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -الشعب.. والأجر لمن يعمل
حقيقة قال الرئيس «السيسي» انه لا تخفيض للمرتبات.. ويكفي مرارته عما حدث لقانون الخدمة المدنية، في مجلس النواب.. ولكن هل يستقيم مطالبات الموظفين بزيادة الرواتب، والمزيد من الحوافز والبدلات.. بينما أكثرهم لا يعملون!
نحن الآن في حرب حقيقية.. وأتذكر هنا ما فعله ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية، عندما صارح الشعب بحقيقة الأوضاع.. وعندما طرح مخططه لتحقيق النصر.. استجاب الشعب، كل الشعب.. وقبل أن يحصل الفرد علي بيضة واحدة كل يوم.. وعلي 4 قطع من السكر، أيضاً كل يوم.. لأن النصر يحتاج لكل ذلك.. وتجاوب الشعب وصبر حتي تحقق النصر.
<< هنا- هل شعب مصر- أقل وطنية.. حتي يتنازل عن بعض ضرورات الحياة، لكي يعبر الوطن أصعب أزمة واجهته ربما أشد من الشدة المستنصرية، أيام الحكم الفاطمي، وهي شدة استمرت 8 سنوات.
وما يطلبه الوطن هنا هو بعض التضحيات، مهما كانت مؤلمة.. ولما كنا نأكل أكثر مما ننتج، هذا ان كنا فعلاً مازلنا ننتج! وفي مقدمة هذه التضحيات- وربما لمدة لن تزيد علي خمس سنوات- التنازل عن جزء من المرتبات.. وأن نتوقف عن المطالبة بزيادتها.. ومعها الحوافز والبدلات وربما أيضاً الأرباح.. ودون أن نسأل: هل هناك أرباح بالفعل؟!
<< وما أقترحه هنا هو برنامج للتقشف الحكومي، لأن في مصر أكبر جهاز إداري يضم حوالي 7 ملايين موظف.. بينما المطلوب ألا يزيد عددهم علي مليون موظف، أو مليونين.. علي أكثر تقدير.. ويقوم هذا البرنامج علي تجميد الرواتب.. والحد من الحوافز.. ومنع أي بدلات.. ولمدة خمس سنوات علي الأقل.. بشرط أن تنفذ الحكومة برنامجاً شديداً للسيطرة علي الأسعار ومقاومة الغلاء مهما كان الثمن.
ويتضمن الجانب الآخر من هذا البرنامج ربط الأجر الحقيقي بالإنتاج الحقيقي.. خصوصاً ونحن نواجه انخفاضاً رهيباً ومؤلماً في معدلات الإنتاج، وفي كل المجالات.. يعني ببساطة «من يعمل.. يقبض» أي يقبض بقدر ما يعطي وينتج، ولا مرتب لمن لا يعمل.
<< وهذا يقضي بتغيير فلسفة العمل عندنا، وأن نواجه بحسم حكايات تراب الميري وارتفاع أعباء مرتبات الموظفين.. مع انهيار معدل العمل.. وأن نطبق فعلاً فلسفة ربط الأجر بالإنتاج، ليس فقط في المصانع والمزارع ولكن في المصالح والوزارات والمحليات.. وكل مكاتب الموظفين، وبذلك لن تتعطل مصالح المواطنين.. وفي نفس الوقت نرفع عنا مقولة اننا لا ننتج في اليوم الواحد إلا ما يساوي 56 دقيقة! بل وسوف نوفر الكثير من الأموال.
وأكيد سوف يعترض البعض- ولكن هؤلاء- هم الكسالي، الذين يتمرغون في تراب الوظيفة الميري.
<< ويمكن أن نبدأ هذا المخطط بتجميد المرتبات.. ويمكن أيضاً تطبيقه بنسبة 50٪ أي يحصل الموظف علي نصف الراتب- ولو كمعاش- والنصف الآخر نربطه بحجم الإنتاج، وبذلك نطبق قاعدة لا ضرر ولا ضرار.. وأتذكر هنا أن كثيراً ممن يعملون بالمكافأة يجتهدون ويكوون ليحصلوا علي أكبر نسبة من المكافأة.. فإذا حصل علي التعيين بكل مزايا التعيين..«نام.. علي طول الخط» بل ينطلق ويقدسم إنتاجه لموقع آخر، بعد أن يتم تعيينه.. أليس ذلك حقيقة واقعة؟!
وهناك حل آخر.. هو ربط العلاوات- بعد ذلك- بالإنتاج الفعلي وليس من خلال تقارير سنوية نعرف كيف يحصل فيها الواحد علي تقدير ممتاز.. دون أن يعمل، وهنا أتذكر عندما تولي أستاذنا جلال الدين الحمامصي مسئولية الإشراف علي دار «أخبار اليوم» في منتصف الستينيات كيف أعد لنا دفاتر الإنتاج، نسجل فيها يومياً ما قدمناه من إنتاج ونوعية هذا الإنتاج وتقدير رؤسانا لهذا الإنتاج، وكنا نحصل علي العلاوات السنوية- بالملاليم، بعد احتساب حجم الإنتاج وجودته.. ثم الانتظام في الحضور.. وأيضاً الأخلاقيات.. ورغم قسوة «كشوف الإنتاج» هذه منذ نصف قرن إلا انه سمح بحق الشكوي وإعادة النظر.. ولكنها كانت طريقة عادلة للحصول علي العلاوات.. واسألوا عواجيز «أخبار اليوم»، وقضي «الحمامصي» بذلك علي المحسوبيات وهذا خفيف الدم.. وهذا غير مقبول الدم.
<< لماذا لا نطبق شيئاً من ذلك ليحصل الموظف علي الراتب الذي يستحقه.. ويحصل العمل علي الإنتاج الذي يحلم به.
كل ذلك من أجل مصر، ومن أجل أن نخفف من أعباء الدولة.. هل هذا صعب؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف