الأهرام
يوسف القعيد
خمس سنوات
اليوم الاثنين الخامس والعشرين من يناير 2016. اليوم يكتمل عمر الثورة خمس سنوات. أحيانا تكون الصعوبة عندما نكتب عما نعرفه وعايشناه أكثر مما ينبغي. مثل معاناة لذة الاكتشاف الكامنة عند محاولة الكتابة عما لا نعرفه. لذلك ألجأ لما قاله وسطَّره الكبار عن الثورة:

قال أرسطو: الثورات ليست عملا هينا، رغم أنها ربما تحدث لأتفه سبب.

قال نيكولاى بردياييف: الثورة دوما عمل تنكري. فإذا نزعنا القناع فليس لنا أن نعجب إذا اكتشفنا خلفه الوجوه القديمة.

الثورات، كل الثورات، تفضح انحطاط الأغلبية، مقابل بطولة الأقلية. الثورة ابنة القدر، وليست ابنة الحرية.

أغلب الظن أن الثورة هى قصاص على خطايا الماضي. إنها دليل على عدم وجود قوة إبداعية روحية لإنجاز إصلاح فى المجتمع.

الثورات قد تكون فاشلة، لا وجود لثورات ناجحة، ولن يكون لها وجود. إنها لا تحقق أبدا ما قامت من أجله. الثورات تنتهى دوما لإقرار نقيضها.

الثورة تكافح فى سبيل الإطاحة بسلطة صارت سلطة شريرة؛ وهى تقاتل لنيل سلطة تنتصر فيها تلك القوى الأكثر قدرة على تنظيم سلطة، مقصية بذلك، أو حتى عامدة، لتصفية تلك القوى الأقل كفاءة.

الثورات تسعى لتأكيد طبيعة إنسانية مثالية، مهووسة بفكرة نظام أفضل للحياة ومن يقومون بها عليهم أن يتحلوا بالاستعداد للتضحية، ونسيان المنافع الأنانية، ولكن أيضا القسوة، ونكران الإحسان، وقطع دابر القيم الروحية السامية.

قال بسمارك: الثورات يمهد لها العباقرة، ينفذها الممسوسون. ويجنى ثمارها التافهون.

قال بواست: فى عواصف الثورات يحدث أن يتولى مقود القيادة أناس بالكاد يملكون القدرة على استعمال المجداف.

الثورات الفاشلة تجر وراءها دائما حكومات ليست محبوبة وربما كانت انتقامية.

الثورات تأتى دوماً لسدة السلطة بأناس لم نكن لنرضى بهم حتى حكاماً.

الثورات تشبه لعبة الشطرنج حيث يستطيع البيدق أن يقضى على الملك أو ينقذ الملك، أو يحتل عرش الملك.

كل الثورات تستزرع البذور التى ربما تُعطى محصولا يتناقض تماما مع المرجو منه.

قال ماكسيم جوركي: ثورتنا (الروسية) أعطت مجالاً واسعاً لهيمنة أرذل الغرائز وأكثرها وحشية، تلك الغرائز التى تجمعت تحت سقف الملكية؛ وفى الآن نفسه اجتثت من الواقع كل القوى الذهنية الديمقراطية، وكل طاقة أخلاقية فى البلاد.

إذا لم تفلح الثورة فى تنمية البنية الثقافية والأخلاقية فى الحال، فإن الثورة من وجهة نظرى عمل عقيم وبلا معني.

قال دانتون: فى النهاية حق لى أن أعترف بأن السلطة العليا فى الثورات تسقط أخيرا بيد ألعن الثوار أو الذين كانوا ثوارا على الإطلاق.

قال غوريس: الثورة صيغة ربما كانت همجية للتقدم، مهما كانت الثورة نبيلة أو خلاقة أو ضرورية، فإنها قد تظل من نصيب من صنعوا أكثر عصور الإنسانية وحشية.

قال زينوفييف: الثورة هى تحويل إرهاب فردى لا قانونى إلى إرهاب قانونى وفوق ذلك قد يكون جماعيا.

قال كورولنكو: سلطان الثورة يكمن فى الأهداف الإنسانية السامية فى انتصار العقل والحرية، وليس فى إطلاق العنان للغرائز الكامنة فى النفس البشرية، كالكراهية والعدوان والجور وانتهاك الحرمات.

قال ليندريو رولان: لم يحدث أن تبقى من أى ثورة فى أى زمن شىء باستثناء ما اغتنمه الوعى البشرى الذى كان سائدا قبل الثورة.

قال نيتشايف: الثائر إنسان من نوعٍ خاص. فهو لا يملك منافع أو شئونا دنيوية. أو أحاسيس، أو علاقات أو أملاك الثائر. لا يملك حتى الاسم. إنه مسكون كله بنفع استثنائى واحد. مسكون بفكرة واحدة. مهووس بفكرة واحدة، مهووس بشهوة واحدة: الثورة.

الثائر يتنكر للنظام المدني، ولا يعترف بعالم الحضارة، ولا بأخلاقيات هذا العالم. إنه يحيا فى هذا العالم لكى يقضى على هذا العالم، وهو ليس فى حاجة لأن يحب علوم هذا العالم أيضا لأنه يعترف بعلم واحد: تقويض هذا العالم. بالنسبة للثائر كل ما من شأنه أن يسهم فى تقويض هذا العالم يعد مبدأ أخلاقيا.

قال جورج أرويل: المعتقدات الثورية ليست سوى شكل مُعقلن من عقد نقض نفسية.

قال ريابينسكي: الثوار قد لا يجدون الوقت لأن يرحموا موتاهم، ولا أن يدفنوا موتاهم.

قال ريفارول: الثورة تقوم ليس لأن أحد القطبين صار أكثر استنارة من الآخر، ولكن لأن القطب الثانى ارتكب حماقات أكثر من القطب الآخر.

قال ألبير كامي: كلنا نبدأ بطلب العدالة، ولكننا ننتهى بتنظيم أجهزة الأمن.

قال ويستون تشرشل: مأساة روسيا الأولي: ميلاد لينين، مأساة روسيا الثانية: وفاة لينين.

لقد تعامل القدر مع روسيا بلا رحمة، فقد غرقت سفينتها عندما لم يبق لبلوغ شاطئ الأمان سوى نصف ميل.

قال برنارد شو: لم يحدث أن خفقت الثورات من وطأة الطغيان، كل ما فعلته الثورات هو أن نقلت هذه الوطأة من هذا الطاغية إلى طاغية آخر.

من يقتل الملك، ومن يضحى فى سبيل الملك سواسية؛ كلاهما عابد أصنام.

الغالب كثيراً ما يكتسب خصال المغلوب.

قال تيلييه: من زرع الامتيازات عليه أن يحصد ثورة.

قال أناتول فرانس: الرغبة فى القضاء على الفضيلة هو جنون الثورة، فعندما يكون الهدف هو تحويل الناس إلى أخيار وحكماء وأحرار وزهاد وأنقياء، لا حيلة لهذا سوى القضاء على الناس جميعاً.

قال شاتوبريان: الثورة هى حمّام دم لغسل أفعال لا أخلاقية.

كل ثورة لم تحدث أيضا فى عقول الناس، وفى أخلاقهم. نهايتها الفشل.

ذكرت متون الهند القديمة: احترس أن تحيا فى بلد لا يحكمه أحد، أو يحكمه الكثيرون، أو تحكمه امرأة. أو يحكمه طفل.

لحظة نحياها تحت ظل القانون، أفضل من حياة مليون سنة بلا قانون.

هل أجرؤ أن أكتب تعليقا على ما كتبه الأسلاف العظام؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف