الأخبار
حمدى الكنيسى
كلام من لهب ! تحرشوا بالثورة ثم اغتصبوها فكانت نهايتهم
كان ذلك في اليوم الرابع للثورة، تحديدا في ظهر يوم «٢٨ يناير ٢٠١١» حيث كنت من بين مئات الآلاف الذين احتشدوا في ميدان التحرير، وحدث ان لمحني أحد الشباب الذين اعتلوا منصة الخطابة ليطلقوا الهتافات والكلمات الحماسية، فدعاني للمشاركة معهم بالقاء كلمة استثمارا لخبرتي الاذاعية والخطابية، وأذكر أنني بمجرد ان اقتربت من الميكرفون وجدتني اقول: «شاء حظي الطيب ان اعيش اعظم حدثين في تاريخنا المعاصر، فقد عشت حرب اكتوبر المجيدة كمراسل حربي وأعيش الآن انطلاق ثورة المجيدة.. فلا تتوقفوا ايها الشباب عن استكمالها».
وبعد ان انهيت كلمتي - او قل: خطبتي.. تجمع حولي بعض الشباب وكان منهم «طارق الخولي» وشاب آخر يدعي ممدوح قال لي انه «اخواني» اي من الاخوان المسلمين، واضاف انه جاء الي ميدان التحرير قبل ان تصدر التعليمات بالمشاركة في الثورة، وهنا سألته: لماذا تأخرت تعليمات قيادتكم حتي الان؟ فابتسم.. ولم يرد عليَّ!!
تذكرت ذلك كله عندما كشفت الوثائق التي تم العثور عليها في مكتب الارشاد المهجور ان المرشد ونائبه خيرت ومرسي رفضوا بشدة أية مشاركة في الثورة عندما اندلعت في ٢٥ يناير وتنفيذا لشعار السمع والطاعة التزم شبابهم بذلك الا عددا قليلا جدا «كان منهم بالتأكيد ذلك الشاب ممدوح الذي التقيت به». واللافت للنظر انهم لم يكتفوا بعدم المشاركة في الايام الاولي، بل استهانوا بالثورة، وتحرشوا بها لفظيا حيث قال مرسي في حوار له مع المناضل احمد بهاء شعبان «احنا مش حنمشي ورا شوية عيال.. ولن ننزل في ميدان التحرير».
هكذا بدأت علاقتهم مع الثورة بالمقاطعة ثم «التحرش اللفظي»، لكنها عندما استوي عودها ونضجت والتف حولها مئات الآلاف الذين اقتنعوا بهدفها رفضا لخطة التوريث، ورفضا للفساد وتزاوج السلطة بالمال، عندئذ فقط قرر مكتب الارشاد الانضمام إليها وظهر في ميدان التحرير لأول مرة بعض قادتهم مثل البلتاجي وعصام العريان والكتاتني.
وعندما اقترب موعد اجراء انتخابات الرئاسة ظهر في الميدان اعداد من الميليشيات الاخوانية الذين قالوا لمن حولهم بالفم المليان د. مرسي هو الرئيس القادم، وحين ابدي بعض الشباب دهشتهم قالوا لهم: «لا تنسوا اننا سيطرنا علي مجلس الشعب.. ولدينا الأغلبية في الشارع ايضا».. ثم كان المشهد المثير عندما اعلن مرسي واعضاء المكتب انه نجح في الانتخابات قبل ان تعلن النتيجة الرسمية، حتي انه كلف من كانوا حوله بإبلاغ زوجته وابنائه بأنه سيظهر في التليفزيون وهو يتلقي التهاني بالفوز، وحدث ذلك فعلا مع اعلان النتيجة النهائية المريبة ومع الضغوط التي مارسها اوباما علي المجلس العسكري.
هكذا اغتصبوا الثورة الجميلة المبهرة وصار لهم حكم مصر فاندفعوا في تنفيذ خططهم وأفكارهم التي اختزنوها تحت الارض وارتكبوا في سبيلها افدح جرائمهم علي مدي ثمانين عاما، وبشهوة السلطة تجاهلوا كل المحظورات واستهانوا بكل الاحتجاجات وواصلوا الاعتداءات علي المتظاهرين والمتظاهرات بل قتلوا وأصابوا العشرات والمئات كما حدث مع الذين اعتصموا امام «الاتحادية» مطالبين مرسي وجماعته بالرحيل، ولم يكتفوا بذلك بل كشفوا اتفاقهم مع امريكا واسرائيل علي التنازل عن مساحة كبيرة من سيناء حتي يتم ضمها الي غزة لتكون بديلا للدولة الفلسطينية، وتنضم الضفة الغربية الي الاردن ويسدل الستار علي القضية الفلسطينية نهائيا.. كذلك اعلن مرسي الاستعداد للتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان في صفقة اعدتها امريكا!! وهذا ما اعلنه فعلا نائب رئيس السودان!!
وكان من الطبيعي ان ينتفض الشعب ضد الحكم الفاشي الفاشل الذي اراد ان تكون مصر هي دولة الجماعة او دولة العشيرة كما كان يقول مرسي في خطبه (عشيرتي!!)، ونجحت حركة «تمرد» في جمع ملايين التوقيعات ضد الجماعة فكانت ثورة ٣٠ يونيه التي اضافت ابهارا آخر باحتشاد اكثر من ثلاثين مليونا في ميادين التحرير، ودوت الهتافات من القلوب والعقول: «يسقط يسقط حكم المرشد» ونجحت «يونيه» في انقاذ ثورة يناير ممن اغتصبوها بليل، وعاد لها شرفها بينما كتبت النهاية لدولة الجماعة، بل يبدو انها كانت او ستكون نهاية الجماعة ذاتها، خاصة بعد ان احتضن جيشنا البطل الثورة الرائعة فساندها وقاد المواجهة مع الجماعة وميليشياتها المسلحة وتنظيماتها الارهابية وسوف تتأكد نهايتها الا اذا التقطت آخر فرصة للنجاة بالتخلي عن افكارها وخططها، والاعتذار عما ارتكبته في حق ثورة يناير بل في حق مصر كلها ولا بديل امامها سوي ذلك خاصة وقد نجحت مصر بثورتيها يناير ويونيه وبقيادتها الواعية المخلصة في تحقيق خارطة الطريق والانطلاق علي طريق البناء والتنمية والديمقراطية والمكانة العربية والافريقية والدولية بعد ان اغلقت «بالضبة والمفتاح» تلك العلاقة بثورة يناير من «تحرش.. فاغتصاب.. فانهيار»
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف