الجمهورية
السيد البابلى
رأي - شعب لا يعرف الخوف
انفجرت القنبلة أمام دار القضاء العالي - وأحدثت اصابات وسقط ضحايا..
وما هي إلا لحظات حتي تجمع عشرات من المواطنين في نفس مكان الانفجار ليرددوا هتافات التنديد لمن قاموا بهذه الأعمال الإرهابية ولتعلو أصواتهم في هتاف واحد "مش ها نخاف.. مش ها نخاف"..
والهتاف كان رسالة بأن شعب مصر العظيم الذي يظهر ويلمع معدنه الحقيقي عند الإحساس بالخطر لن يركع أو يستسلم لمحاولات إثارة الفوضي والذعر وتعطيل مسيرة الحياة وانطلاقته نحو المستقبل.
وهذا الشعب بحيويته وحبه للحياة وروح التحدي التي يتمتع بها لن تخيفه عدة قنابل وانفجارات هنا أو هناك حتي وان كان الثمن سقوط عشرات أو مئات من الشهداء لأنه يعلم ان هذه هي الضريبة التي عليه أن يسددها في معركته ضد قوي الشر والظلام.
***
ولكن ما ليس مقبولا أو مفهوما حقا هو أن يكون هناك ازدحاما بشري في الطريق يعيق سيارات الإسعاف والأمن في الوصول لموقع الانفجار في أسرع وقت. وأن يكون هناك من بين الصفوف من أتي للفرجة وقد أمسك كل واحد منهم بهاتفه النقال لتصوير اللحظة والحدث دون أن يأخذ كل هؤلاء في الاعتبار أنه من الممكن أن تكون هناك قنبلة أخري تنفجر أو مفاجأة إرهابية من أي نوع.
ولن يكون الكلام مفيدا لعلاج سلوك الجماهير التي اعتادت ذلك. والتي وصل بها الأمر أنها تتجمع وتقف لتشاهد خبير المفرقعات وهو يقوم بتفكيك قنبلة..!! ناس بتحب الفرجة..!
***
واذا كانت القنابل المحلية التي يتم زرعها هنا وهناك تقتل عددا من الأفراد فإن لدينا إعلاما يقتل أمة بأسرها. ولا يشيع إلا نوعا جديدا من ثقافة الكراهية المدمرة التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد.
فنحن أمام إعلام جديد يحرض ويهدد ويشوه. و"يشتم" ويزايد علي الجميع في وقت لا يحتمل المزايدات والصراخ وإنما يستوجب الهدوء والعقلانية والاصطفاف الوطني خلف القيادة لعبور هذه المرحلة الضبابية المليئة بالمطبات والمفاجآت والتحديات.
فهذا الإعلام الذي أصبح لا يتورع عن سباب الآخرين بالأب والأم علانية علي الهواء يدخلنا في أزمات داخلية وخارجية دون وعي ودون ادراك أننا جميعا ندفع ثمنا باهظا لذلك ونفقد رصيدنا من احترامنا لأنفسنا ومن احترام الآخرين لنا.
ولقد كان الرئيس عبدالفتاح السيسي كبيرا وعظيما عندما لم يقبل بالإساءة التي نالت الشيخة موزة والدة الشيخ تميم حاكم قطر الحالي. واستنكر التجريح الذي ينال أي امرأة. فما بالك اذا كانت امرأة عربية.
ان موقف الرئيس يجب أن يتفهمه ويستوعبه عدد من الإعلاميين والمثقفين الذين يعبرون عن رؤيتهم وقناعاتهم الشخصية والتي لا تنعكس عواقبها عليهم وحدهم. بل علي الوطن كله.
***
واذا كنا قد تظاهرنا ضد تعذيب كلب حتي الموت واستنكرنا جميعا هذا العمل الوحشي.. فلماذا لم نتظاهر أو ندين أو نحتج علي تعذيب الأطفال المستمر يوميا في ورش السمكرة والدوكو وكنس الشوارع وغيرها من الأعمال التي يتم فيها انتهاك آدمية الأطفال والاعتداء عليهم جسديا ومعنويا.
ان هناك عشرات الآلاف من الأطفال من المتسربين من الدراسة أو من الذين لم يلتحقوا بالتعليم يعملون في ظروف وأوضاع صلبة تخلق منهم وحوشا آدمية في الصراع من أجل الحياة حيث يجب أن يكونوا ذئابا لكي يتمكنوا من البقاء في غابة البشر..ورغم أن هناك من القوانين ما يكفل لهؤلاء الأطفال الرعاية والحماية إلا أنها مثلها مثل كل القوانين لا تطبق إلا عندما يراد تطبيقها وعند وقوع المصائب والكوارث.
إن متعهدي النظافة في شوارع المدن الجديدة يأتون علي سبيل المثال بمئات من أطفال المحافظات القريبة ليقوموا بنظافة الشوارع بأدني الأجور.
ويقف هؤلاء البؤساء في الشوارع وقد أمسك كل منهم بمكنسة ناظرا باستعطاف إلي قائد كل سيارة تمر بجواره وباحثا عن "زجاجة ماء" أو كسرة خبز..!
***
وبينما نحن نعتقد أن الحياة كلها سياسة وأصبحت حياتنا مشاكل وقضايا وانشغلنا بأحكام الدستورية والإدارية والطعون وتحولنا جميعا إلي خبراء في كل المجالات فإن دولة صغيرة مثل إمارة دبي وهي جزء من الإمارات العربية المتحدة وجدت وعثرت علي الوصفة السحرية لرخاء الشعوب وهي التجارة والسياحة وأن تكون الكلمة لأصحاب الاختصاص بعيدا عن الجنسية والعنصرية والقيود الشكلية. فرأس المال لا وطن له ولا جنسية.. والتجارة الحرة لا تعرف القيود ولا الروتين ولا عشرات ومئات القوانين التي يتعارض كل منها مع الآخر.. ودبي استقبلت في عام واحد 11 مليونا و629 ألفا و578 ضيفا بزيادة قدرها 6.5% عن عام .2013
ودبي لم تفعل ذلك ببرنامج سياحي بأن "دبي قريبة" ولم تنتج أوبريت غنائيا يدعو لزيارتها ولم تحمل كل سيدة اماراتية وردة تقدمها للسائح.
دبي فعلت ذلك كله بالسياسات الواضحة. وبالقرار السليم وبتوفير أفضل وأرقي الخدمات.. وبدون شعارات ونعرة كدابة..!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف