عباس الطرابيلى
هموم مصرية -أكلات شتوية.. للبرد!
نحن الآن في «عز طوبة» اللي يخلي الصبية كركوبة.. ولكن طوبة هذا العام ليس مثل أي طوبة سابقة.. وبالمناسبة العالم كله يواجه أسوأ موجة برد منذ عشرات السنين.. حتي أن درجة الحرارة في الصين الآن تحت 46 درجة، وفي مثل هذا البرد.. ماذا يأكل الناس ليواجهوا هذا الصقيع الذي يصل عندنا إلي درجة التجمد!!
ونقول هنا إن المصريين لهم «أكلات صيفية» وأكلات شتوية.. ولنبدأ بـ«الشوربة».. وإذا كان المصري يعشق شوربة العدس ويزيدها بإضافة البطاطس والجزر والكوسة مع الثوم والبصل.. والطماطم.. إلا أنني هنا أقترح شوربة يعشقها الروس- وجوهم شديد القسوة- هي شوربة الكرنب.. وهو نوع من الهيدروكربونات الموفرة للطاقة.. والفرنسي يعشق- في الشتاء- شوربة البصل، فلماذا لا نقلهم فيما يشربون.. من شوربة فقط وليس من مشروبات!..
<< والمصري أيضا يحب شوربة الخضار ولكنه يربط بينها وبين المرض رغم أنها مفيدة، بقدر ما تضيف إليها. وليس هناك أي كتالوج للطعام.. لك أن تضيف ما تشاء.. هنا أقترح شوربة الخرشوف رغم غلاء أسعاره. وشوربة البطاطس فقط بقليل من الشعرية.. مع البصل.. وأنصحكم بكثرة الليمون لما فيه من فيتامين «سي».. ويمكن للمصري أن يشرب الحلبة الحصي.. وأنصح بالسحلب مع بعض المكسرات عليه أو الاكتفاء بفول السوداني عليه أيضا!!
وإذا كان المصري يعشق البليلة شتاءً إلا أنني أنصح بإضافة جوز الهند والزبيب والمكسرات وقطعة زبدة أو ملعقة سمن علي الوش، حتي في التسالي عليكم بالفول السوداني مقشراً وبقشره.. أو أسواني.. وهل نسيتم الحمص البلدي؟! ودعوكم من أبوفروة فهو للقادرين، بعد أن اقترب سعره من الأربعين جنيها للأنواع الجيدة.. والكاجو أيضا للقادرين مالياً أما الأفضل فهو عيدان القصب!! وليس عصير القصب لأن عملية «مص القصب» تحرك كل عضلات الوجهين وتنظف الأسنان.
<< والمصري زمان كان يعشق تناول التمر العراقي والحجازي «الملدن» يعني السايح في عسل الدبس، وكان يأتنا إما من جنوب العراق والبصرة بالذات في أوعية مصنوعة من سعف النخيل.. أو من نجد، في الحجاز.. ومنا من كان يعشق زمان «عسل الدبس» أي عسل التمر.. وكان الدمايطة يأكلون الأرز بالعدس الأصفر «الإسكندراني» مع هذا التمر الملدن اللذيذ.. ويمكن استبداله بأكل بلح رمضان الجاف، من سيوة أو من أسوان والنوبة.
<< ويعشق المصري أكل السبانخ مع اضافة كمية من الفول الأخضر إليها مع الإكثار من «الكزبرة» الخضراء و«الشبت».. ويا سلام مع كرات اللحم المفروم المحمرة إلي حلة هذا «اليخني» الغني بكل ما يحتاجه الجسم ليواجه هذا البرد!! والقلقاس الآن متوفر، وليس مقصوراً علي الأشقاء المسيحيين في عيد الغطاس.. ولكن بسبب غناه بالكربوهيدرات أي المواد النشوية.. والتقلية بالسلق والتوم والسمن، أو الزبد.. مع اللحم الضاني.. ويعشق المصري، غير القلقاس، دقية البامية باللحم الضاني أو حتي «بالليِّة» مع «قرنين شطة حامية».. ويا سلام علي البامية وهي «بايتة»!! وهي من أفضل الأكلات الشتوية لكل المصريين..
<< وحتي الفول المدمس مع المصريين له طقوس.. في الصيف يأكلونه بزيت الذرة أو عباد الشمس.. ويفضلونه- في الشتاء- بالزيت الحار أي زيت عصير بذور الكتان.. وإذا لم يتوفر الحار يأكلونه بزيت الزيتون وقد اختفي زيت السيرج أي عصير السمسم.. والطعمية كذلك، فهناك طعمية شتوي وطعمية صيفي. الصيفي طعمية سادة. أما الشتوي فهي المحشية بالشطة والتوم والخضرة.. غارقة في السمسم..
< وإذا كان «القاهري» لا يعرف إلا السمك مشوياً أو مقلياً، فإن الدمياطي وأبناء السواحل الشمالية عموماً يفضلونه شتاء بأرز الصيادية الأحمر لما في البصل المحمر من قيمة.. مع الشوربة بنية اللون وأفضل الأسماك هنا هي القاروص والبوري كبير الحجم واللوت.. وأحياناً القراميط أو البلطي الكبير. ويفضلون أيضا صينية السمك السنجاري بسبب ما يضاف للسمك من خضراوات وشطة حامية وطماطم، والدمياطي يعشق شوربة السمك البنية هذه شتاء.. ويعشق الشوربة البيضاء «بالمستكة والشيبة» صيفاً.
<< ومن منا يكره البطاطا.. والأكثرية يفضلونها مشوية أو مسلوقة، ولكن ما رأيكم في صينية بطاطا مهروسة مع اضافة سكر خشن إليها مع بعض المكسرات بين طبقتين من البطاطة المهروسة.. وان كنت أفضل أحياناً «حبات البطاطس كبيرة الحجم» ملفوفة في ورق الفويل ومشوية في الفرن.
ألم أقل لكم تعالوا نكافح البرد.. بالطعام.. أليس هذا أفضل من السياسة.. وعك السياسة والبرامج الحوارية!!