كُتَّابنا.. ومفكرونا.. ونُخبنا.. العائدون من بعثات التأهيل.. والتجنيد.. في الخارج. الأمريكي. الأوروبي.. يأتون إلينا محملين:
بالأفكار التقدمية..
وبالوصفات المبتكرة..
وبعناوين ومصطلحات النهضة..
فضلاً عن التبشير والدعوة للتعليم. والأهداف العُليا. بين ديمقراطية.. وحقوق إنسان.. باعتبارها السبيل الوحيد للخروج من التخلف الذي نحن فيه.. والخروج كذلك من الفقر والجهل والمرض. الذي نعانيه..
وهذه كلها.. وغيرها.. ليست أكثر من "مهارب". ومخارج.. وتحايل علي العباد.. يستخدمونه للتضليل.. ويغطون به. "المهام" المحرَّمة.. والمُجرَّمة. المكلفين بها.. من أجل أن يبقي الحال علي ما هو عليه..
الأكثر من هذا..
أن هؤلاء "العباقرة".. والمصلحين!!.. يعززون دعواتهم.. وما يقدمون من رؤي وأفكار:
بلمسات "شعبية".. ومصطلحات "بلدي".. يستخدمها. بل ويلوكها بسطاء الناس.
ظناً منهم.. أن جماهير الشعب. الأمي. والفقير. سيصدقون ما يعرضون.. بل وسيذهب بهم الأمر. إلي الاعتقاد:
بأن هؤلاء جزء منهم. وأنهم يعيشون حياتهم.. ويعانون مثلهم.. في حين أن الخديعة أكبر وأعظم.. وأن هذا "الغطاء".. الكاذب.. لا يستر عورة.. ولا يداري فضيحة.. ولا يفسح مجالاً. تتسرب من خلاله ألاعيبهم.
* * * * *
البعض يحكي عن "عم بطاطا".. وعن "جمال حمدان".. وعن غيرهما من الظواهر.. ومن المصطلحات.
ويعتقد أنه "جاب الديب من ديله"!!
وأنه نزل إلي الناس. حيث يعيش "عم بطاطا"..
وأنه صعد بهم في نفس الوقت. إلي حيث كان "جمال حمدان".. بينما كل شيء علي حاله.. لم يتغير.. ولم تصله قطرة. أو حتي لمسة. مما أراد به الوصول. إلي البشر.. إلي العامة. إلي جماهير الناس.
فهم لا يقرأون.. لأنهم أُميُون..
وهم لا يفهمون.. لأن اهتماماتهم.. وتطلعاتهم غير ذلك.
وهم في نفس الوقت مدركون تماماً. أن كل هؤلاء المسيطرين علي قنوات التواصل.. والمحتلين لمساحات الرأي في الصحف.. يتحدثون. ويكتبون. عن "حكايات" لا تمت لهم بصلة.. ولا تقترب. من قريب أو بعيد من مشاكلهم وشئونهم.. وأنهم وحدهم. قد اعتلوا جميع المنابر. ليرددوا نفس "الرسالة".. التي حمَّلوهم بها في الخارج.. وليبقي الحال علي ما هو عليه.
ولذلك وغيره.. بقيت الأمور علي حالها.. وبقيت "النُخب" في عزلتها.. بعيدة عن كل شيء.. إلا المحافظة علي العلاقات والصلات التي تربطها بالغير.. غير المصريين بالتحديد..
فلا هذه النُخب اقتربت من الواقع.. وارتبطت بالناس..
ولا الشعب قد "شعر بها".. وحاول التواصل معها..
وظلت "نُخبنا".. تزيد وتعيد. في "الوصفة".. أو الصيغة التي حُمِّلُوا بها..
ظلوا يكررون كلمات. وعبارات. وصنيعاً. قديمة بالية..
ظلوا يتحدثون عن التنمية الاقتصادية.. شريطة أن يصحبها وترعاها "الحرية"!!
وظلوا يدبجون. ويصيغون الشعارات. عن "التقدم". مؤكدين في نفس الوقت.. ضرورة الالتزام "بالديمقراطية". و"بحقوق الإنسان".
ولا أدري. ولا يدري أحد.. إلي مَن يتوجهون بهذه "الكلمات الكبيرة.. وبهذه الأفكار والقيم النبيلة؟!!
فمَن في رأيهم.. وفي فكرهم.. القادر علي "نشر الحرية"؟!!
ومَن هي القوي.. والمؤسسات.. والتجمعات التي عليها أن تتولي:
* مهمة نشر الديمقراطية.. وبناء أجهزتها المؤهلة. والقادرة علي أن تجعل منها أسلوب حكم.. وأسلوب تعايش وتواصل.. وأسلوب حياة؟!!
وتتولي كذلك.. الدور في أن تصبح "الحرية".. مبدأ وقيمة. يسعي الجميع لتأصيلها. وغرسها في العقول والنفوس.. لضمان أن تتحول الفكرة. أو الهدف.. هدف "الحرية".. قاعدة أصيلة لحرية القول والفعل والممارسة.. دون اعتداء علي حرية الغير.. وحرية الوطن؟!!
* * * * *
الواضح.. ودون أدني شك..
أن تحالفاً.. "مشبوهاً".. يجمع بين نقيضين:
¼ الأول.. هو الجماعات الإرهابية والمتطرفة.. التي تتخذ من الدين ستراً. وغطاء لسلوكها وممارساتها الإجرامية..
بالقول المتمثل. في تحريف الدين. وقيمه. ومبادئه. وأهدافه النبيلة.
وبالفعل المعبر عنه. وبالممارس. من خلال.. الاغتيالات. والعنف. وتخريب. وتدمير المؤسسات العامة.. الإنتاجي منها.. والخدمي علي السواء.. وكأن مهمتهم الأولي والأخيرة.. هي قتل الناس.. وهدم مقومات الوطن الأساسية.
¼ والثاني.. أو الطرف الثاني للتحالف.. وهو هذه النُخَب.. المأجورة. والمشبوهة.. التي تم تربيتها. وتعليمها. وتأهيلها. وتجهيزها من الخارج. وجاءت إلينا.. لتدمر العقول والنفوس.. وتنشر "الفوضي الفكرية" بين شباب.. لم تتح له فرصة:
للعلم الحقيقي..
والمعرفة الأصيلة..
ولا التعرف علي التاريخ. تاريخ بلادنا. وتاريخ العالم القديم والحديث منه.
المهم.. أن الطرفين.. وكما أشرنا.. رغم اختلافهما. وتباينهما الجوهري.. في التفكير والنشأة.. يعملان.. وبكل الهمة من أجل إسقاط البلد.. وهدم الدولة:
فكلاهما "عميل مأجور". ومدرب علي أرفع مستوي من أجل تنفيذ المهمة المكلف بها من طرف. الاستعمار الأمريكي. الأوروبي. بل ومن خلال العملاء الإقليميين.. مثل تركيا وقطر.
* * * * *
* والسؤال: لماذا كل هذا الحماس.. وهذه الهمة.. وهذا التفاني في حمل المهمة. والتكليف؟!!.. خاصة وهم جميعاً:
الجماعات الإجرامية الكافرة..
والنخب "المتعلمة". والمؤهلة..
لماذا كل هذه "الكراهية".. والعداء.. لشعب هم جزء منه.. ولوطن نشأوا فوق أرضه.. ولم يكد لهم شراً.. ولا تناولهم بمكروه؟!!
وأن كل ما جري في الماضي من بغضاء. وشرور.. أصاب الشعب كما أصابهم.. ودون تمييز؟!!
* والسؤال الثاني.. لماذا كل هذه التعبئة.. وكل هذا التجميع والتجنيد. لكل أدوات القهر والقتل والتخريب.. ضد مصر.. وضد شعب مصر؟!!
هل فقط لأنهم يريدون صياغة جديدة.. وتقسيماً جديداً للمنطقة وللعالم؟!!
أم أن المسألة تتلخص. في تمكين "الصهيونية". ودولتها. اللقيطة.. من السيطرة والتحكم في هذه المنطقة الحيوية من العالم.. والقضاء علي أي فرصة. أو محاولة لقيام دولة مثل مصر. للنهوض بدورها ومسئوليتها؟!!
¼ ربما كان السبب. بخلاف هذا وذاك.. هو القضاء علي الإسلام.. وتشويه صورته.. ووقف انتشاره. في جميع الأرجاء والقارات..
علي أن يكون التشويه من خلال المسلمين أنفسهم.. أو من يدَّعُون الإسلام!!
* * * * *
يبقي مع هذا "الهم" الثقيل..
هو هذا القدر. غير المبرر. وغير المفهوم.. من هذه السلبية التي يتعامل بها الشعب المصري. وبأغلبيته الساحقة.. مع هذه الممارسات القبيحة والإجرامية..
ودون أن يصبح طرفاً فاعلاً. في وقف هذه الغارات.. المميتة.. صحيح أن 30 عاماً. أو أربعين عاماً. من الحكم "البليد".. والغبي.. بل والمأجور أيضاً.. قد أصابت الناس في مقتل.
نشرت الفساد..
وسرقت الثروات..
وخرَّبت العقول..
وأبعدت. وقضت علي النُخَب. والقوي الحية..
إلا أن الحال قد وصلت إلي حد.. أن المسألة أصبحت خياراً لا بديل عنه..
وهو.. الخيار. بين الحياة. وبين الموت..
التحدي أصبح تحدي وجود..
لا مجال مع هذا التحدي الصعب.. للانتظار.. أو الوقوف موقف المتفرج.. وإنما المواجهة.. والعمل الجاد.
فهؤلاء. وأولئك.. سواء كانوا. من خرج من بين صفوفنا كالجماعات الكافرة.. أو النخب العميلة.. ليسوا أكثر من شراذم تستغل وضعاً ورثه الشعب المصري.. بالمؤامرة والخديعة والفساد.. وهؤلاء. لا يملكون فكراً.. ولا يقدمون رؤي.. ولا يحملون بديلاً إلا القتل وتشويه العقول..
أو سواء كانوا. قوي الاستعمار القديم الجديد.. الأمريكي الصهيوني..
هم جميعاً جبناء.. ليس لديهم مبدأ.. ولا تجمعهم قيم إنسانية أو فكرية.. وإنما هم تكرار "سخيف". وحقير لفكر استعماري بالي.. لم يعد له مكان في الكون إلا من خلال الجريمة..
.. والجريمة تستوجب المواجهة والعقاب.